لا أعتقد أن علماء المسلمين بحاجة إلى توحيد الكلمة وتقنين الإفتاء، كما هم بحاجة إليه في هذا الزمن الغريب الذي نعيش، بل الأمر يعد أكثر إلحاحا، ونحن نشهد هذا الكم ممن يتصدرون الفضائيات وغيرها من وسائل الإعلام، ليفتوا في كل شيء، وبأي شيء· ورغم كل المؤتمرات والملتقيات والندوات التي عقدت، والخاصة بالإفتاء والتقريب بين المذاهب والأديان وغيرها من الأمور، نرى يوميا من يطل علينا بفتاوى غريبة عجيبة، وطبعاً مثل هذه الفتاوى التي تطلق دون ضوابط، تجد من يتلقاها، ويدعو إلى العمل بها، وأغرب وأقرب مثال ما ذهب إليه ''مفتي إرضاع الكبير''، والذي نال ما يستحق من عقاب من قبل الأزهر الشريف !!· الجدل الذي أثاره الرجل كشف عن وجود شريحة كبيرة من''الخاوية عقولهم، وقلوبهم'' الذين لا يكادون يصدقون صدورها من شخص يفترض فيه ''التفقه'' في الدين ليبدأوا بترديدها·''هيافة '' ما بعدها'' هيافة''، لم يضع أمثال هؤلاء حساباً لأن تكون أخته أو ابنته في موقع زميلة العمل الواجب إحاطتها بالاحترام الذي تستحقه المرأة ، كما تربينا على ذلك في مجتمعاتنا، والمستمد من الدين الحنيف· وبحسب التجارب التي مرت بنا، فإن جلائل من الأمور تتالت على هذه الأمة المنكوبة، وأدلى كبار العلماء بدلائهم فيها، ومع هذا لم تحرك أصوات'' الهيافة'' أياها شيئاً في البرك الراكدة، لأن العقول تجمدت، والأحاسيس تبلدت، والإيمان وهن· بل أن تلك الأصوات انقسمت واختلفت فيما بينها، ولم تتفق على تعريفات محددة بشأن مسائل فيها نصوص صريحة في كتاب الله المبين، والأمثلة عديدة وكثيرة· ويا بعض من يستسهل''الإفتاء''، اتقوا الله في ما تقولون، فمسؤولية الكلمة عظيمة، ويا علماء المسلمين وحدوا كلمتكم، فهناك من يريد لكم أن تلعبوا هذا الدور الباهت لإفراغ دين الحق من جوهره، واتقوا الله في دينكم وأمتكم·