دخلت يوم أمس أحد المخابز الشهيرة في العاصمة، فوجدت أن لائحة أسعاره قد حُجبت بلون أبيض، تساءل أحد الرواد ما اذا كان هذا هو يوم التوزيع المجاني، فعاجله عامل المخبز قائلا: ''لا، وإنما نقوم بتعديل الأسعار بالزيادة الجديدة التي طرأت عليها''، ولم يكتف بذلك فواصل تعليقه: ''أليس من حقنا مواكبة الزيادة في رواتب الموظفين؟''· استوقفني كثيراً التعليق الذي يترجم من خلاله هذا العامل نظرة مالك المخبز، وشريحة كبيرة من التجار ممن يرون أن لهم حقاً فيما يصل الى جيب الموظف من زيادة أو تعديل في الرواتب، أرادت الدولة من خلاله تخفيف الأعباء المعيشية عن كواهل فئات الموظفين من محدودي الدخل، ولكن الأمور جرت بعكس الغايات السامية للخطوات التي اتخذت من قبل الدولة في هذا الاتجاه· وأدعو المسؤولين في دائرة الاقتصاد وكذلك البلديات الى التمعن في فحوى تحذيرات وردت في أحدث تقرير أصدرته غرفة تجارة وصناعة أبوظبي عن الآثار الخطيرة المترتبة على الغلاء والتضخم، بما قد يسبب هروب وهجرة العقول والأموال، ومثل هذا البديل خيار بيد من يستطيع ممارسته، ولكن ماذا عن المواطن والمرابط الذي يجد نفسه وحيداً في مواجهة غول الغلاء الذي يعصف بكل شيء ويتهدد استقراره؟، وهو لا يميز بين موظف محلي سرى في جيبه دفء التعديلات الأخيرة للرواتب، أو آخر اتحادي يعاني من أنيميا حادة في الدخل، أو ثالث يعاني وحيداً في القطاع الخاص· بل إن بعض التقارير حذرت من حدوث نزوح جماعي في سوق محلية تعتمد على كثافة وجود هذه الفئات· إن عدم التحرك الحاسم لكبح آثار التضخم والغلاء، يهدد في المقام الأول الجهود التي تبذلها دوائر الاقتصاد سواء في أبوظبي أو غيرها من مناطق الدولة لجذب الاستثمارات وخلق بيئة استثمارية مثالية تستقطب كبريات الشركات العالمية، ونحن في الانتظار·