في العديد من البلدان الأوروبية، وحتى في المستعمرات الأوروبية السابقة في أقاصي أفريقيا، كان اختبار قيادة السيارة قديماً يتضمن اختبار أخلاق وأعصاب المتقدم للحصول على رخصة القيادة، بطرح أسئلة لمعرفة ردة فعله عندما يتعرض لموقف معين، وهو في الشارع، وأحيانا تكون نتيجة ذلك الاختبار أهم من الفحص الفني نفسه· عندما أرى اليوم تصرفات العديد من سائقي السيارات والشاحنات على طرقاتنا أتمنى لو كان ذلك النظام لا زال معمولا به، لفحص هذه العينات من البشر ممن لا يقيمون وزناً لأي شيء، ويفتقرون الى أبسط قواعد الذوق، في تصرفات تنم عن البيئات التي ينحدرون منها، خاصة وأن بين ظهرانينا رعايا أكثر من 180 دولة· عند ظهر امس الاول توقفت سيارة صالون يقودها رجل وأخرى رباعية الدفع خلف مقودها امرأة ومعها صغيرها في وسط تقاطع شارع الخليج العربي مع هزاع في العاصمة ليتشاجرا حول أولويات المرور، وفتحت إشارة المرور من الاتجاهات الاخرى للتقاطع، وتعالت الأصوات، ومضيت في طريقي مستغرباً هذا المشهد الذي جرى رغم وجود دورية للمرور وأخرى للشرطة على مقربة من المكان لتنظيم مرور مواكب رسمية· وتذكرت صديقا فتحت الإشارة المرورية أمامه بينما كان داخل سيارته منهمكا بمراجعة خريطة المدينة السويسرية التي يزورها، وفوجئ بطرق خفيف على نافذة السيارة، يطلب منه الرجل بلطف أن يحرك سيارته لأنه يسد عليه الطريق ويعطل حركة المرور، موقف استعاد معه صاحبنا ''هرنات'' سائقي سيارات الأجرة من ''البتان'' عندنا، وما يجري على طرقنا· وفي موقف ثان عند أحد المستشفيات الخاصة في أبوظبي كان أحدهم يضغط بكل قوة على بوق سيارته، لأن السيارة التي امامه توقفت لبضع ثوان لإنزال مريض في طريقه الى ذلك المستشفى، بينما أبسط قواعد الأخلاق والآداب المرورية تمنع إطلاق الأبواق عند المستشفيات والمدارس· نماذج لا نقول معها إلا ''صبر جميل، والله المستعان''·