يتفلت جنون الإرهاب من عقاله ليضرب هنا وهناك، وفي كل الاتجاهات، دون وازع أو رادع، سوى إشباع نزعات المتعطشين للدم، وبالأمس القريب كانت الجزائر الشقيقة مسرحاً لهجمات هؤلاء الملتاثين، فأوقعوا من القتلى ما أوقعوا، وأصابوا من أصابوا، وروعوا الآمنين والمستأمنين· وقبل الجزائر ضربوا في المغرب وتونس والسعودية والكويت واليمن ومصر وأفغانستان وباكستان وإندونيسيا ومناطق شتى من المعمورة، يستهدفون بخسة وغدر وجبن النفس التي حرم الله قتلها الا بالحق، ولحقوا بدين الحق أكبر الإساءات والأضرار، وهم إليه ينتسبون أسماً، هذا الدين العظيم الذي أنزله الخالق عز وجل على نبيه الكريم الذي كان يوصي أصحابه بالآمنين والمستأمنين خيراً، وهو يؤكد لهم سمو النفس البشرية التي من قتلها بدون حق كما لو قتل الناس أجمعين· لقد كانت إدانة واستنكار دولة الإمارات العربية للعمل الخسيس والجبان الذي جرى الأربعاء الماضي في الجزائر الشقيقة، تعبيراً لرفض عقلاء وأسوياء العالم لمثل هذه الأعمال وتعبيراً عن التضامن الأخوي والإنساني مع ضحايا الشر المستطير الذي يمثله هؤلاء الملتاثون على عالم اليوم· إن اجتثاث هذا الشر يتطلب تعاضد الجهود على أعلى المستويات، وتوفير الإمكانيات لمحاصرته مادياً وفكرياً وصولاً لاجتثاثه واستئصال شافته وقطع دابره، ونحن نراه يستخدم شباباً في عمر الزهور وقوداً لإحراق الحياة والمستقبل· لقد تداعت الدول شرقاً وغرباً من خلال المؤتمرات والاتفاقيات للتصدي للإرهاب، وذلك بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة، و7/7 في لندن و11 مارس في مدريد، رغم أن العديد من بلداننا العربية كانت ضحية لهذا الشر من قبل، ومع هذا فإن التصدي لهذه الآفة يتأرجح صعوداً وهبوطاً، فهو يتطلب مقاربة معمقة لا إجراءات وقتية، مقاربة تؤسس لتحصين المجتمعات بدعائم قوية فكرية ومادية، تمثل سداً منيعاً ضد تسلل هذه الشرور التي نسأل الله أن يحمي وطننا منها وسائر الأوطان·