دائماً المراجل والقدور تركّب على ثلاثة أثافي، ومن أقوال العرب ثلاثة من المستحيلات أو هي ثالثة الأثافي، الغول والعنقاء والخل الوفي، والأصدقاء، السمار، الندماء، عادة ما يكونون ثلاثة، لكن هناك أفّاق، كذّاب، دجّال، أشر، يشم الخبر قبل وقوعه، ويعرف ما استبطن من الكلام، هو أبو المساوئ عنترة بن شمام يستغل فرصة غياب أحدهم ليملأ الفراغ، وليسد خانة الشيطان، ليشبع صاحبهم الغائب سباً وقدحاً وذماً، وليظهر بطولاته الوهمية ومعرفته بكل شيء ومعارفه في كل مكان· أبو المساوئ عنترة هو شخص متسلل لجلسات الأصدقاء، ومتبرع لقيادة النميمة، قد يلقاك صدفة في مطعم أو عند بوابة فندق أو أمام بنك أو في مركز تجاري أو وأنت تهم بدخول السينما، ساعتها يكون ضيفاً ثقيلاً، وناقل فتنة، ومثير نقمة، ومبتدع فن القيل والقال وتبدل الحال وسوء المنقلب والمآل، يدفع عن عشائك لتأكل معه لحم أخيك ميتاً، قد يترصد لك لينفث حقده وغيظه وغل قلبه تجاه فلان، فتكتشف حينها كم كان فلان جائراً بحقك وبحق عمله ووطنه، وأن أبو المساوئ عنترة كان مظلوماً من الوطن ومظلوماً من مؤسسته الوطنية التي أخلص لها وأظهر المفسدين والمرتشين والذين لم يصلّوا على النبي، وأنه كان دائماً غطاء ووقاء لفلان، وأنه أنقذ شرف فلانة وأعلى من قيمة علاّن، وأنه لولاه لما توصل كوفي عنان لمشروع النفط مقابل الغذاء، ولولا كرمه وفضله ومساهمته الفعّالة لما حظي الأكراد في العراق بعالي مكانة ووثيق أمانة، وأن انسحاب الإسرائيليين من غزة، كان تدبيراً مشتركاً بينه وبين الزعيم ياسر عرفات قبل وفاته، وأن المصرف المركزي لولاه في سنواته الخوالي، لكان اليوم يتخبط في سياسته المالية القديمة، وشركة إعمار لولا الجوازات التي اشتراها من المواطنين الغافلين، لكان سهمها اليوم لا يساوي جرخية حمراء وهو دائماً وراء إعمار لبنان الذي راجع راجع يتعمر·· راجع لبنان، بيه وإلا بلاه·· هو قائد لحملات الهلال الأحمر في إغاثة منكوبي العالم، وهو منظم حفلة بافاروتي الأخيرة في دبي، وهو من اخترع كلمة عملية السلام لا كيسنجر كما تقول المصادر التاريخية، لأن أصدقاءه الفلسطينيين في الحزب الشيوعي أوحوا بها إليه، وحظيت بمباركة قيادة فتح وسماسرة السلام الدوليين، وأن الروسيات الكثيرات في البلد لسن كلهن ''بزنس'' بل يعملن في جهاز الكي· جي·بي· وأن له موردين في كل جمهوريات الاتحاد السوفيتي المنحل، وهو قادر أن يصدر الياقوت الأحمر والكافيار الأسود والفرو الأبيض وأسلحة خفيفة وبسرّية شخصية، يمكن أن يدخلك في تبييض الأموال دون أن يلاحقك أحد، يمكن أن يوفر لك جواز سفر أوروبياً، يمكن أن يساعدك بدءاً من بناء مسجد في المدام وانتهاءً بالاهتمام باستثماراتك العقارية في لندن، لو تقول له مثلاً يا أخي أنا مليت وتعبت وأريد أن أطلق زوجتي الإثيوبية، فسيظهر أنه يعرف قاضياً إثيوبياً من أصل جيبوتي، قادر أن يفرق بين المرء وزوجه· أبو المساوئ عنترة غاية ما يريد أن يكون جيبه مليئاً ولو أدى لقصف عمر صديقه واجترار سيرة حبيبه وقطم رقبة زميله، غايته أن يكون موجوداً في الوهم أو الحقيقة، هو دائماً يسد فراغ كرسي الزميل والصديق الغائب، ليعيث في الأرض والعرض فلا يبقي ولا يذر، وليشبعك مشاريع وأحلاماً وخريطاً في الهواء وكله على حساب ''البزنس''·