لو ابتليت أيها الرجل بزوجة متخصّصة في الكمبيوتر وتعرف تفاصيل الأشياء في الأجهزة الإلكترونية التي تكرهها أنت عن بعد، بالطبع إن كنت من هذا الفريق الذي ينتمي للحرس القديم، فلن تقرأ كتالوج الهاتف الجديد بل ستقوم هي بدلاً عنك بتفلية أوراقه ومعرفة أدق التفاصيل، وهذا ليس من باب تخصصها الأكاديمي فقط، بل من أجل تخصصها في النكد والغيرة الشديدة والشك الذي بلا آخر· هذا الهاتف النقّال بالنسبة لك هو عبارة عن جهاز للاتصال والاستقبال أو لتلقي رسالة فيها مزح وضحك أو حتى تهاني المناسبات، هذه هي حدودك ولا تريد أن تزيد عليها، وأنت فرح بها، أما أن تعرف متأخراً وبعد أن حلفت أيماناً مغلظة، ألا رسائل أنثوية ولا مكالمات واردة أنصاف الليالي بعد أن مسحتها وأنت مستريح، فإذا بها الآن قادرة بمعرفتها على إرجاعها وقراءتها، عن طريق تحميلها على ملفات وأشياء كثيرة بغيضة ومعقّدة ولا تحبّها ولا تعرفها ولا تريد أن تعرفها· أنت الزوج الجميل تفرح مثل بقية خلق الله الذين لم يلعبوا في طفولتهم ولم يعرفوا لعب الصغار ولا الدراجات الهوائية ولا الأكل المغذي ولا الحليب كامل الدسم ولا دلع الفلبينيات المربيات، فرحتك الوحيدة اليوم هي شراء هاتف جديد نزل إلى السوق أو أحياناً اللعب بالذيل - كما تدعي هي- خارج أسوار المنزل، وقد يكون لعباً بريئاً أو تنفيساً عن الضغط المنزلي أو يمكن أن يكون بصحبة أصدقاء إبليس - كما تسميهم- أو شيئاً يعوّض ما فاتك من لعب في الصغر، هذه المسائل في رأس الزوجة عبارة عن مشاريع مشكوك فيها، وتحمّلها أكثر مما تحتمل، وتدرجها ضمن ممنوعات كثيرة في قائمتها غير المنتهية، فليست المحاكم وحدها يمكن أن تمنعك من السفر، بل المحكمة العليا برئاسة الزوجة الموقرة، قد تحجر عليك وقد تمنعك من السفر إلا للمدن الذكورية، أما إن سمعت ببيروت أو بباريس أو بمدن شمالية باردة، ساعتها ستغضب وتكح وتبكي، وقد تشكو من هشاشة العظام فجأة، وقد تقول لك إنها لا تتحمل بعدك ولا تتحمل أن تسافر وحدك، وإن فلت بعذر أنك في مهمة رسمية، ستشغّل أقمارها الصناعية وسيظل ذلك الهاتف يرنّ كل ثلث ساعة وعبارتها الأولى: أين أنت وماذا تعمل؟ أما عبارتها العميقة فهي تريد أن تتأكد، ولأنها متخصّصة في الكمبيوتر والنكد وتحب لغة الأرقام وأنت تراها مثل الشرر الطائر، ستحاول أن توقعك في التاريخ والساعة واليوم ومتى هاتَفتك وغيرها من تلك الأمور المزعجة، وبالتأكيد ستقع لأنك لم تبيت النية السيئة ضدها في حين هي تريد أن تثبت عليك تهمة الانزلاق وتثبت عليك الكذب عليها والتلاعب بمشاعرها وعدم إخلاصك لوفائها، وقد تحملك سبب سمنتها المفاجئة· الزوجة والموبايل والحب الضائع، مسلسل يتكرر كل يوم، هي تغار منه وتعرف التعامل به أكثر منك، وأنت عرضة للوقوع في الخطأ وأشياء إلكترونية لا تفهمها، أصبح مثل الشيطان الصغير، يزيد من التوتر، ويجلب النكد في أي وقت، ومن قريب فقط عرفت سر حمل الرجل زوجين من الهواتف، لأنه زوج اثنتين، أو ناوي على شر قريب·