اللقاء الوطني الأول الذي استضافته مدينة العين خلال اليومين المنصرمين، والذي ضم نخبة من المثقفين والكتاب الإماراتيين، ومن لهم شأن في العمل الوطني، المهمومين بالتجربة الاتحادية وتطويرها، الساعين دوماً نحو وطن أجمل·· نحو وطن أقوى وأرقى· طرح المجتمعون في هذا اللقاء على طاولة البحث، همومهم ورؤاهم حيال المتغيرات في مجتمع الإمارات، وأثر تلك المتغيرات والمستجدات على الناس والوطن، جالوا بأفكارهم بشأن النهضة الثانية الجديدة التي تشهدها الإمارات، وما يجب تبنيه من آراء لتجنيب المجتمع آفات التطرف، وتداعيات العقل المغلق، والنكوص وراءً باتجاه الظلمة، ونبذ النور والتمدن والحداثة، مقدرين الرّجة التي أحدثتها التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية على المكان والناس· كان هدفهم من اللقاء السير بالوطن نحو الرقي والأمان والديمقراطية، وتمجيد الحرية لأنها مظلة رفعة الأمم وسطوع شمسها، وتحويط مجتمعنا من المشكلات الداخلية أو الخارجية التي لا تقودها الحكمة، ولا يسيّرها العقل، ولا توجهها المصالح، مثل هذه المشكلات كانت قد عصفت بمجتمعات مجاورة وعربية· لقد جرت خلال اللقاء مناقشات عن هموم تؤرق المجتمع الإماراتي، كالهوية والانتماء والتركيبة السكانية، والمخاطر التي يمكن أن تعرقل التنمية والخطط المستقبلية، وتجسير الهوة بين المثقفين أنفسهم، وبينهم وبين السلطة، وبينهم وبين المجتمع من خلال إيجاد لغة مشتركة يفهمها الجميع، لا يطل منها المثقف من عل للمجتمع، ولا ينظر أفراد المجتمع بالدونية حيال من يسكنون البرج العاجي، مثلما ركز المثقفون على همومهم الخاصة والمزمنة التي يعانون منها، من بينها هموم عامة يحملونها على ظهورهم، كضريبة الوعي والمعرفة، لا يستشارون فيها وعنها، ولا يثابون على ثقلها وحملها، وهذا نوع من الإقصائية، وهموم حياتية خاصة يئنون تحت وطأتها، فلا يلتفت لهم ولا أحد يعينهم عليها، وهو نوع من القطيعة· وقد توج هذا اللقاء الوطني الذي تأخر طويلاً، عبر مؤسسات كانت تطالب به سابقاً، كمؤسسات النفع العام، لكنه لم يتم، بحيث يثمن لوزارة الثقافة هذا الجهد والعمل الوطني، كان التتويج حضور الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان الذي ناقش مع الجمع في حوارية استمرت قرابة الساعتين، التحديات والآمال والأحلام نحو مجتمع حديث وعصري يستند على قيم وثوابت أصيلة من المكان ومن العروبة ومن الإسلام، وفتح آفاق التعليم الحديث، ومراجعة مناهج التدريس، والاهتمام بأمن وصحة إنسان المنطقة، لأنه الركيزة الأساسية التي تقوم عليها عملية التنمية والتطور وبناء المستقبل، وأن كافة أنواع العمل الوطني، هدفها تنشئة جيل قادر على التواصل مع معطيات الحضارة، ومتغيرات الحياة، والعبور إلى الزمن الجديد، وهي أمانة تركها لنا الجيل السابق، ونحن بدورنا وعلينا أن نعمل لها ومن أجلها، بصدق وإخلاص، لكي يتذكرنا الجيل الجديد، ولا نخيب وصية جيل الآباء والأجداد·· كان لقاء من أجل الوطن·· ويكفي·