؟ حلو·· أن يصبّح عليك أحد ما·· بباقة ورد وغصون ياسمين، ليعطي لصباحك عطراً آخر ورونقاً جديداً، كأن ندى الفجر تسلل خلسة مبللاً كل شيء، وجاء أول النهار كله ارتواء، ويقظة اليوم كلها سعادة تغمر أطرافك··حلوة هي بعض الصباحات، تلك التي تكون وكأنها جزء من حلم بارد على الجفون، أو كأنها سحابة من ظل ومن مطر تغسل تعب الأيام والملل الذي يذهب في تفاصيل الدنيا· ؟ حلو أن يعود الزوجان بعد عمر من الزواج وضجر الوظيفة الزوجية إلى حياة الصداقة الحقيقية·· ليترافقا هذه المرة، مثل نجمة وقمر أو ماء وحجر، حلو إن صاح هو·· قالت هي: لبيك وإن نادت هي·· جاوب هو: عونك· رحلة العمر الثانية قليل من يدرك سر صوفيتها وفعل سحرها· ؟ حلو·· أن يترفع الإنسان عن الرذائل، ويترك العفن يتخمر في جوف الكذّابين والمزايدين والمدّعين، ويترك الجهل يرعى ما تبقى في جماجم الجهلاء من حروف المعرفة والنور - إن كانت- ؟ حلو·· أن تهب نفسك احترامها الذي يليق بها، وتنذرها لفعل الخير في الناس·· كل الناس، فثمة شعاع جميل للسعادة قادر أن يتسلل إلى النفس الأمّارة بالحب، الدافعة للظلم، ليضيء تلك العتمة الخفية التي أمام الأقدام، أو يزيد من النور الذي فيك· ؟ حلو·· أن تبقى هيبة الرجال الأولين وكأنها عمائم تتوج الرؤوس، وأن تبقى بساطتهم وكأنها ماء القلوب·· الرجل القادر هو من يملك مثل تلك الهيبة التي تكسر القوس، وتلك البساطة التي تبكي العين· ؟ حلو·· أن يصحو الإنسان من فجره، وقلبه يقول له: نعم، وعقله يقول له: نعم، وجوارحه تقول له: نعم، حلو·· أن لا يعاند هو ويقول: لا·· ؟ حلو أن يخلد الإنسان لنومه متسامحاً عن الأذى·· حلو·· أن يستيقظ عافّاً عن كل الأذى· ؟ حلو·· أن تظل هامة الرجل عالية، لا يحنيها إلا لسجدة أو قبلة على خدّ طفل· ؟ حلو·· أن تبقى النفس وثّابة مجنّحة، حلو·· أن تظل مسكونة بأخلاق الفرسان النبلاء· ؟ حلو·· أن يظل العقل مجبولاً بالأسئلة، تلك النوافذ التي تستقبل الشمس والضوء وتمنع الظلمة والظلم· ؟ حلو·· هو الزرع في الأرض، مثلما هي حلوة الدنيا بالحلم والأمل، ولولا الحلم ما غنّت الريح، ولولا الأمل ما قامت شجرة ولا اهتز غصن طرباً· ؟ حلو·· أن يتماسك الإنسان، وحده ورق الشجر يهيف ويحتّ وتسحبه الريح، وحدها حبّات المسبحة التي تنفرط ويصعب جمعها، وحده المتعلق في الهواء يهوي في واد سحيق، الإنسان ولد وتعلم قبل الجلوس والقعود والنوم، معنى قيمة التقميط· ؟ ثمة أشياء حلوة في الحياة، هكذا علمنا ذاك الرجل الغائب عنا منذ سنوات قلائل، تاركاً لنا مساحة التأمل، وقيمة العمل، وقدسية الحلم والأمل، وما تعني فرحة الوطن والناس··