عيد سعيد ومجيد، وجعل الله أعيادكم كلها فرح وسعادة، وأيامكم هانئة، غانمة، خيرها كبير، ورزقها وفير، لا تبارحها الصحة، ولا تفارقها العافية، ريّانة بالعفو والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة· كلمة شكر لإدارة المرور، لأنها تنبهت أخيراً لحجم الأعطال التي تسببها الحوادث الصغيرة في الشوارع، وحجم الضرر الذي يلحق بالآخرين من جراء عدم تحريك المركبات من مكان وقوع الحادث بانتظار حضور الشرطة للتخطيط والمشاهدة والمعاينة، حتى يغدو ذلك الشارع مثل الرحى أو سوق الجمعة، في أوروبا نشاهد حوادث أكبر من التي تحصل عندنا، ويكتفي المتسببان في الحادث بتبادل بطاقات شركات التأمين للمراجعة والتصليح والتعويض، وينطلقان في الحال لترك انسيابية الحركة في الطريق، أو يحرران تخطيطاً للحادث من خلال أوراق توزعها الشرطة وشركات التأمين، وتكون من ضمن أوراق السيارة ويوقعان عليها وتنتهي المعضلة، بعض الأشياء تظل عندنا وكأن لها قدسية وإن عفا عليها الزمن وتخطتها المدينة التي تكبر، وفاقها وعي الناس إلا أنها تظل كما هي، ومثل ما سنّها ذاك الشخص في ذاك الزمن البعيد، مثل لا تحرك المركبة في حال وقوع حادث لا سمح الله حتى تحضر الشرطة، وتعاين بنفسها الواقعة لمعرفة المتسبب فيها· شركات التأمين العاملة في مختلف المجالات يجب أن ''تتأدب'' بالزين، بالشين، وتساير ركب النهضة ووعي الإنسان واحترام حقوقه، وتتخلص من ''الباطنية'' التي تعمل بها، حتى غدا موظفوها من كبار المرابين، أولئك الذين يحلفون على الفلس إن دخل لا يخرج إلا بخروج الروح، ومعظمهم غير متخصصين ولا يعرفون إلا أن يداروا أي خسارة قد تلحق بشركاتهم ولو على حساب الناس وهضم حقوقهم والمماطلة والتأخير والتسويف والتعقيد، والسؤال اليوم ما هو القانون الذي يسيّر شركات التأمين العاملة في الدولة، ويلزمها في أداء الحقوق وعدم استغلال جهل الناس بالشروط والبنود التي تكتب في طرف الصفحة بخط رفيع لا يقدر على قرأته طالب في الصف الخامس، بصره حاد، ويرى الدنيا بلا منظار، تعرفون الفرق بين شركات التأمين في الغرب وشركات التأمين عندنا، في الغرب إن ذهبت للتأمين أو للمطالبة، فدرجة الابتسامة المصطنعة واحدة، أما عندنا فإن عتبت باب الشركة فستجد أولاً ''أبوالعز'' منتفخة أوداجه، فرحاً بدخولك إلى وكر الهزيمة، فإن عرف أن سبب حضورك للمطالبة وليس للدفع، فستفش تلك الأوداج، وكأنه لم يصرط منقوشتين جبن وزعتر، وسيبدو وجهه كمن غرّه خلاً في الحال، وسيحيلك إلى موظف كئيب، وياقة قميصه تبدو مسوّدة من الداخل، من كثرة الاعتذارات والملامة في الناس، والذي بدوره سيحولك إلى موظف غير راض عن عمله كثيراً، ويدخن كثيراً، ويكح بلا بلغم، وضجر بعض الشيء من كثرة طلبات الأهل هناك، خاصة وأن الراتب قليل وتذهب بركته بسرعة، وهو بدوره سيحيلك إلى موظف منهزم في الداخل وغير قانع ودائم التحسر، وهكذا من موظف إلى موظف حتى تبلغ باب الشركة وليس في يدك إلا قبض الريح·