نام العالم بالأمس متوتراً، مثلما هي عادته منذ أربع سنوات كالذي يتقلب على جمر الغضا، واستيقظ ويده على الزناد، أي حركة سيضرب في المليان، لا يهم إن كان عدواً أو صديقاً، من هم أصحاب الرهاب أو الأعصاب أو من هم منفذو الإرهاب، معظم الناس يتوقعون أن السيناريو قد يتكرر في مكان ما، وربما بخسائر أقل، بعضهم الآخر يراهن أن أمريكا لا تلدغ من جحر مرتين، أما الغالبية العظمى من سكان الأرض المسالمين، فقد تمنوا من الذين يطلقون عليهم إرهابيين، أن يكفوا عن هجماتهم الانتحارية، مثلما تمنوا من زعيمة حكومات العالم وتوابعها، أن يوقفوا الرهاب عند الناس، وفي مؤسساتهم، وعبر آلتهم الإعلامية· كيف نام رأس الرجل المطلوب رقم واحد في أميركا؟ هل توسد عمامته وحصيرته في ذاك الكهف الموغل في البعد والمسافة؟ وكيف نام رأس الرجل الأول في أمريكا؟ هل تغطى باللحاف الأبيض في البيت الأبيض، وأذنه مع خط الهاتف الأحمر الساخن؟ ربما تراءت لهما كوابيس الأحلام الليلية في نومهما المتقطع، حالماً كل بالآخر، أو ربما تراءى لبعضهما البعض وهما متبادلان أدوار الحياة والسلطة· أما أكثر الناس قلقاً وتوتراً واستنفاراً وتحفزاً فهم رجال وسائل الإعلام، تلك التي تنقل الحرب اليوم مباشرة من ميدانها ليستمتع الجمهور المشاهد بفن لعبة الحرب، بحكامها ولاعبيها· كثيرون سيذكرون ذكرى من رحلوا بدمع سخين، وقد توغر الصحف والأفلام المعادة والأقلام الضالة قلوب أهالي الناس الضحايا، موسعة الشق بين الأنا والآخر، هذه الأنا أو الذات، ستكبر محصنة بالخوف ونزعة التمدن والتحضر، والآخر سيكون عنواناً للشر ورمزاً للتخلف والهمجية· إن الرهاب الذي تعيشه اليوم أمريكا ومطارات العالم، يقابله إرهاب جديد هو من صنع أمريكا، والغرب ووسائلهما الإعلامية، وبالتالي مصدراً لكل دول العالم، لفرض الهيمنة والسيطرة والتبشير بقوى الخير، مقابل قوى الشر عند الآخرين، ولصنع تلك الصورة النمطية التي ستطول أعواماً وأعواماً، متناسية من كانت تطالب بدمه، ومن كانت تجهز له قبل أعوام كل قواها، ومستعملة تعاضد أصدقائها من أجل إحضاره حياً أو ميتاً· لقد بقي من يوم11 سبتمبر طرف خفي هو المستفيد الأوحد، ظل كشبح يقبع في زاوية بعيدة معتمة، لذا من مصلحة حابكي اللعبة إن كانت هناك لعبة أو خدعة، على رأي المؤلف الفرنسي ''تيري ميسان'' صاحب كتاب الخديعة الكبرى، أن يبقى الشبح متوارياً، واعداً الجميع بالحضور حين تشاء آلهة الحرب· فهل نشهد من جديد تباري القنوات الفضائية في إثبات الحقائق التي تأخرت أعواماً كاملة؟ أو نظل نتوه في نفي مزاعم الطرفين؟ يبدو أننا مقبلون على اختراقات إعلامية وتسريبات أمنية، في ذكرى يوم مشهود، زلزل العالم، وحرك بعض ثوابته، كالقناعات الإنسانية والأممية الكبرى· هل يكون هناك نذير حرب مختلفة ستقرع لها الطبول؟ أم تدفن الملفات مع أنقاض البرجين؟!