حاولت أن أكتب عن أشياء مفرحة أو أشياء خفيفة لطيفة، لا تضجر القارئ بعد أيام طوال من الكتابة عن الحرب وتداعياتها، وطريقها المسدود، ومشاكل الإرهاب، وما أثاره ويثيره من فزع أكبر، حاصداً الأبرياء من البشر، وآثار الزلازل والنكبات الإنسانية الأخرى، لكن الأخبار كثيراً ما تبرز مساوئ العالم هذه، وشرور الإنسان تجاه نفسه وتجاه بيئته وتجاه الآخر، حينها تغيب البسمة عن كتابات الكاتب، ويبدو عليه الاكتئاب وعدم الفرح، وصدقوا أنه يكون ساعتها أكثر ضجراً منكم، حين يمسك بالقلم، أو يجلس أمام الشاشة الصماء، لقد كنت أتمنى أن يكون مقال كل يوم يضفي بسمة ولو كانت خفيفة على شفاه الناس، غير أن الأحداث والظروف كثيراً ما تدفعنا نحو بعض التجهم أو اصطناع الجدية، رغم أنها لا تحل شيئاً ولا تربط جملاً، نحاول أن نكون دائماً حاملي مصابيح تنير تلك الظلمة، أو مشيعي طائرات ورقية ملونة حالمة، تفرح الناس وتسعد الأطفال، وتعدهم بوصول جميل، تتبع حلمهم إلى أقصى مدى، نحاول أن نكون صانعي ضحكة مجانية تظهر من الخاطر وإلى الخاطر· لقد أظهرت دراسة علمية مؤخراً أن الضحك علاج لكل كآبات العالم ومآسيه، وحده الذي يجعل من العقل نشطاً، ومن الإنسان حيوياً، لكن الضحك لا يأتي هكذا، إنما يتعب الإنسان إلى أن يجد من يخرج تلك الضحكة من صدره، لذلك فهو دواء غير متيسر في الصيدليات، وأحياناً يكون ثمنه غالياً إن وجد، وفي الآونة الأخيرة أصبح ينعت لمرضى السكري من النوع الثاني، حيث أظهرت الدراسة أن جميع الخاضعين لهذه التجربة، انخفض لديهم معدل السكري في الدم، حينما كانوا يشاهدون فيلماً كوميدياً، في حين ارتفع معدل السكر عندهم، حينما كانوا مجبرين على حضور محاضرة جادّة مملة مضجرة، يكثر فيها مصطلحات لا يفهم أولها من آخرها· هذا الضحك جعل من معمّر هندي يعيش في ولاية راجاستان، يدعى حبيب أن يظل متمتعاً بصحته، حيث بلغ من العمر 125 عاماً، وبعدها توقف عن العد، وتشهد بعض الأحداث التي يذكرها أنه تخطى 132 عاماً، لقد ظل يحصل على معاش تقاعدي منذ 65 عاماً، وغيره من الناس يحصل على راتب التقاعد حين يحال إلى المعاش في سن 65 ويجمع كل أقارب حبيب، أنهم لم يروه يوماً مكتئباً أو محبطاً أو ضجراً إلا في خمس مناسبات: فقدان زوجته وأولاده الثلاثة، وفقدان بصره· بقي شيء آخر ظل حبيب يحبه كثيراً بجانب الضحك والفرح والمرح هو الموسيقى، فقد كان زمّاراً في فرقة ولاية جايبور، وأثبت عدم صحّة المثل القائل يموت الزمار وأصابعه تلعب، لأن حبيب ظل على قيد الحياة بالضحك والفرح وبالتوازن في الحياة مع كل الأشياء·· الضحك هو العزف الحقيقي على وتر الحياة·· فلعلنا نسمع ما يضحكنا في قادم الأيام، ويخفف من تجهمنا، ويجعلنا نقبل على الغد··