إسرائيل في وحشيتها التدميرية، وترويعها المسند بآلات الحرب الحديدية، في حرب غير متكافئة، وغير نظامية، بحيث يقابل الجيش، أفراداً عزلاً، ومدنيين وأطفالاً في عراء مفتوح، لا حيلة الحرب يملكون، ولا سلاحا قادرا أن يصيب من بعيد، دون التحام الجسد، بحراب البنادق المسننة، إسرائيل في تعنتها، ونشوة تفوقها، واستصغارها للقوانين الدولية، وأعراف المجتمع المتحضر، تتكئ على حائط المبكى الأميركي، وديناصورات الكونغرس، والبيت الأبيض، وعلى سطوة المال، والآلة الإعلامية الخرافية، يساعدها معرفتها العميقة بالاطياف السياسية العربية الراهنة، وفسيفساء الحدود الجغرافية العربية الملغمة، وما تحت الرماد من وميض نار عربية قابلة للاشتعال، وما وراء الأكمة، يدعمها جهلنا المطبق عنها، وعن الشخصية اليهودية الصهيونية الجديدة والمعاصرة، فآخر عهدنا بهم، وبمعرفتهم، حروب خيبر وقينقاع، ما زال اليهودي عندنا يتنفس بمنخر واحد لو استطاع، ذلك البخيل، معقوف الأنف، ذو العقصين الأشيبين المتدلين على الصدر· إذن جيش نظامي، يقابل أفراداً غاضبين، ومعرفة متبحرة في الآخر، الذي هو نحن، يقابلها جهل مطبق في الآخر، الذي هو هم، عمليات إسناد ودعم، وتكفل بالحماية والتفوق من الراعي الأميركي، وغض البصر، والإدعاء بالصمم من قبل الحليف الأوروبي، يقابله الهروب إلى الأمام، والهرولة، والارتماء في الحضن الأميركي، ومحاولة إظهار الحب والولاء لها، وتقبيل يدها، والتوقيع على بياض ما تدعيه، تخضّنا خضّ السقاء، في لهفة ركضنا للقاء مسؤوليهم، وفي إدبارنا بخفي حنين، نخبّ خبّ الإبل الضامئة، لتنفيذ تعاليمها، وأوامرها التلمودية، الآتي من عندها مصدق، مصدق، مصدق، والشخص الذي تبذره في أرضنا، هو إمام وولي، وصاحب عصمة، وقداسة وتقى وطهر، والداعي على بتر يدها، وعمى عينها، ورجفة جسدها، مكذب، مذنب، نجس، غير مؤتمن، ولا منتم· مع هذا·· فإذا قالت أميركا غداً، هناك مؤتمر للسلام، وللعيش بوئام مع إسرائيل في منطقة الشرق الأوسط الجديد، هل تستطيع دولة من دول الشرق الأوسط القديم، إلا أن ترمي قميص عروبتها، وترتدي حلل قيصر الشرق أوسطية، وتجلس في أول مقصورة المؤتمرين، حفاظاً على ماء الوجه، ودم العرب المراق، ونحن قوم لا توسط عندنا، وتكثر المعللات والمسببات، والدم واحد، والمصير واحد· لكن ما يجري الآن، هل هو اختبار لقوة، أو هشاشة الأنظمة والحكومات العربية؟ أم هو قياس لتحمل الشعوب العربية، وبالونات اختبار لما ستأتي به الأيام الأميركية، الإسرائيلية الممطرة، أحياناً يتبين لنا أن هناك بصيص أمل، في آخر النفق، كما كان يقول المرحوم أبو عمار، لكن نرى اجتياح المدن الفلسطينية، الواحدة تلو الأخرى، وأسابيع الموت في لبنان والمقابر الجماعية، والجنون المستشري في اولمرت وحكومته، فننكفئ، نرى التعاطف الشعبي العربي، والغضب الذي يسكن العيون، وحملات التبرع والتحمس لها على كافة الأصعدة، والمستويات، فتظهر بارقة من جديد، هو التشاؤل·· أملنا الوحيد·