الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

رغد صدام حسين ...ماجــدات علــى مذبــح الحريــة

8 يوليو 2006 02:29
العالم امرأة السعد عمر المنهالي : ماذا يعني أن تغتصب فتاة وتقتل، أو أن تختطف نائبة وتختفي أو أن تطلب ابنة رئيس مخلوع بجانب شخصيات محسوبة على النظام العراقي السابق، أليس للحرية ثمن يجب أن يدفع؟ لعل هذا ما دفع العراقيون ألا يصدموا كما لم يصدم غيرهم عندما أعلن مستشار الأمن القومي العراقي ''موفق الربيعي'' -في الثاني من يوليو الجاري- اسم زوجة الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين وابنته ضمن القائمة التي ضمت واحدا وأربعين مطلوبا باعتبارهم وراء الفتنة الطائفية بين السنة والشيعة والتفجيرات والقتل العشوائي، وأنه إذا ما تم القبض عليهم ''فإن تسعا من مجمل عشر هجمات سوف يتم القضاء عليها''، وخص ''رغد'' بالقول بأنها من أهم الممولين للتمرد في العراق·· وأن مسؤولين كبارا في حزب البعث المنحل يسهلون تحويل الأموال منها إلى المتمردين·· وأنها تشكل ''مصدرا للدعم اللوجيستي والممول لقيادات التمرد في العراق ولديها المدخل لأموال طائلة سرقها صدام حسين''، فقد دار الحديث حول الابنة الوريثة منذ زمن، ويبدو أن زمن الإشاعات قد انتهى، ولكن هل يملك العراقيون حقا دليلا على تهمهم هذه؟! ولدت ''رغد صدام حسين عبدالمجيد'' عام ،1967 وهي الفتاة الأولى لوالدتها ''ساجدة خير الله طلفاح'' ابنه خالة صدام، فقد رزق الوالدان بالذكور ''عدي وقصي''، ويبدو أنها حملت السعد لوالدها، فبعد أقل من عام على مولدها، سطع نجمه ولعب دورا رئيسيا بعد انقلاب عام 1968 في السابع عشر من يوليو على ''عبد الرحمن عارف'' الذي حكم في أعقاب وفاة شقيقه ''عبدالسلام''· أصبح والد ''رغد'' بعد الانقلاب نائبا للرئيس العراقي آنذاك ''احمد حسن البكر'' فطغت شخصيته وزاد نفوذه في قطاع القوات المسلحة وأجهزة الدولة· لم تنتظر الطفلة ''رغد'' طويلا قبل أن يصبح والدها رئيسا للعراق وهي لا تزال في الثانية عشرة من عمرها عام ·1979 اكملت رغد دراستها الجامعية وحصلت على درجة البكالوريوس في الترجمة الانجليزية، وتزوجت ابن عم والدها وأحد الشخصيات المقربة والنافذة في نظام الحكم العراقي ''حسين كامل'' وأنجبت منه خمسة أبناء، غير انه وكغيرها من العراقيين لم تستثن من جبروت والدها الذي حكم العراق بقبضة من حديد خلال ما يقارب عقدين ونصف العقد، فكان في حياتها جانب دموي تعرض له اقرب المقربين لها في مجزرة عائلية بشعة!! الأردن·· وذكريات الألم لم يكن لجوء ''رغد'' وشقيقتها واطفالهما بعد مغادرة سوريا إلى المملكة الأردنية للمرة الأولى، فقد تكون الأردن آخر أراض عرفت فيها رغد أياما رغدة برفقة زوجها حسين كامل بعد أن كان زوجها قد طلب اللجوء من ملك الأردن الراحل بعد أن فر إليها في أغسطس عام ،1995 واخذ منها مركزا لكشف بعض الأسرار الخاصة بالتسليح العراقي، فقد كان وزير الصناعة والمعادن وأحد أهم المسؤولين عن برنامج تطويرِ الأسلحة العراقية غير التقليدية، في وقت كانت فيه العراق تعاني ويلات الحصار الدولي عليها· فقد شهدت تلك الأراضي آخر ستة اشهر في حياتها مع زوجها، الذي أحبته كثيرا -ظلت تدافع عنه وعن ولائه لوالدها حتى آخر مقابلة معها-، ومن ثم عودتهم إلى العراق بعد إعلان صدام حسين العفو عنهم في فبراير عام 1996 غير انه نكث العهد، فلقي زوجها وابن عم والدها ''حسين كامل'' وشقيقه زوج شقيقتها ''رنا'' صدام كامل'' ووالده وشقيقته وأبناؤها الخمسة في منزلهم قتلا بالرصاص· رغم كل ذلك استطاعت رغد التي بقيت أكبر أفراد أسرتها بعد مقتل شقيقيها عدي وقصي في يوليو عام 2003 في الأردن تجمع شتات ذكرياتها وألمها ان ترعى شؤون أسرتها وشقيقتها الصغيرة بعد أن حصلت على ضيافة الملك عبدالله، فتولت التفاصيل الخاصة بمحاكمة والدها والتعامل مع هيئة الدفاع والالتقاء بهم، ورغم ما قيل ويقال حول الطريقة التي تتعامل بها مع هيئة الدفاع، إلا أنها استطاعت أن تفرض نفسها كوريث رسمي لصدام حسين وعائلته وإن كان بالمعنى الإنساني للوراثة· غير أن هناك من يصر أن للابنة ''رغد'' تطلعات أخرى أكبر بكثير من مجرد رغبتها في إدارة شؤون أسرتها المتبقية، فقد شغل الإعلام العربي بعدد لا بأس به من الأخبار الخاصة بالسيدة المنكوبة، ودورها في المقاومة العراقية، ففي حين تعلن بعض المصادر الإعلامية أنها في طور إطلاق قناة فضائية تعرض فيها مسيرة حياة والدها الحافلة وإنجازاته وتدعم فيها المقاومة العراقية، كانت هناك مصادر أخرى تعلن أنها تستغل ضيافتها في الأردن كمركز لتنظيم صفوف البعثيين، وأنها تخطط للعودة للعراق في ''إطار مشروع سياسي خاص يؤسس لتيار يمثل مصالح ما تبقى ومن تبقى من حزب البعث''، في محاولة للحفاظ على إرث والدها! غير أن رغد التزمت تماما بشروط الضيافة الأردنية في عدم الرد على كل تلك الأقاويل والخوض في السياسة، وهو ما استندت إليه الحكومة الأردنية في ردها على الطلب العراقي بتقديم ''رغد صدام'' باعتبارها مطلوبة امنيا، عندما قال رئيس الوزراء الأردني ''معروف البخيت'': إن تواجد السيدة رغد صدام حسين وأطفالها في الأردن يأتي لأسباب إنسانية بحتة، وهي في ضيافة الهاشميين ورعايتهم كدخيلة وهي لا تمارس أي نشاطات سياسية أو إعلامية''· دخيلة··!! جاء الموقف الأردني واضحا وحازما، فالضيفة كانت قد تعرضت قبلا لتحذير مباشر وعلني من حكومة سابقة طلب منها احترام الضيافة التي تحظى بها وأسرتها وعدم القيام بأي نشاط سياسي خارج العمل مع هيئة الدفاع عن والدها، وهو ما التزمت به ''رغد'' آنذاك، فبالرغم من وجود خيارات أخرى أمامها كالانتقال إلى دولة قطر -مقر إقامة والدتها- او الانتقال على سبيل المثال إلى ليبيا حيث تربطها علاقة صداقة مع عائشة القذافي -سبق أن عرضت عليها ذلك، غير أنها خيارات لن توفر لها القدرة على متابعة ملف والدها القانوني حيث تعد الأردن هي المنفذ الوحيد الذي تتحرك منه وإليه كل الفعاليات القانونية الخاصة بوالدها· ولهذا بدت الجدية والثقة في الموقف الأردني حيال المطلب العراقي، كما كان استخدام رئيس الحكومة الأردنية لكلمة ''دخيلة'' ضمن البيان الرسمي -كما ذكر بعض المحللين- ذا دلالة ووقع خاص على الأردنيين قبل العراقيين، فالمدلول القبلي للكلمة أن الدخيل أو طالب اللجوء لا يسلم إطلاقا، فما بالك لو كانت دخيلة على الهاشميين· وتبدو أهمية هذه المفردة كذلك في مدلولها السياسي كونها استوعبت تماما درجة التعاطف الشعبي بين الأردنيين لرغد ووالدها، وهي حالة قد لا تتحمل موقفا يتخذ ضدها، كما أن توازنات القوى في العراق ووضع السنة ساهم إلى حد ما في إدراك أهمية احترام القيادة الأردنية ضيافة ''رغد'' وعدم المساس بها طالما ظلت السيدة راغبة بذلك··· ومحترمة شروط بلد الإقامة· ويبدو بالفعل أن القيادة العراقية بلائحتها ذات الواحد وأربعين اسما إنما تحاول الخروج من مأزق صعب، فالحراك السياسي الذي يجب أن تتصرف في فضائه يبدو ضيقا إلى ابعد الحدود، والظروف المحيطة من تردي الوضع الأمني إلى أقصى درجاته منذ سقوط بغداد والاحتلال لم يشهد ما هو أسوأ، يدفعها إلى البحث بكل ما تملك من مقومات -شبه معدومة- إلى مخرج يضمن لها قاعدة قد تفلح في الانطلاق منها، فبين فتاة تغتصب وتقتل ونائبة عضو في مجلس النواب العراقي بل ورئيسة لكتلة التوافق النيابية تختطف يبدو الحديث عن ابنة صدام ووالدتها المطلوبة امنيا ترفا، لا يعرفه من قرر أن يقدم ماجداته على مذبح الحرية·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©