صورة فريق ''الفريج'' صورة بالأبيض والأسود لصف فريق كرة قدم، تلك التي لم تكن منفوخة بالمعيار التحكيمي، بل عبئت من ''بامب'' الدراجة الهوائية لأحدنا، وعلى عجل، الفانيلات والهافات بألوان مختلفة تقريباً، اشتراها كل منا من مصروفه من دكان رمضون الذي بدأ عمله كـ''حوّاي'' في الحارة أولاً· كنا 13 لاعباً في أعمار مختلفة، وأطوال مختلفة، كانت صورة باهتة صوّرناها عند العكّاس الذي فتح محلاً جديداً، سماه ''استوديو ساحل عُمان''· بعد تلك الصورة لعبنا مباراة انهزمنا فيها بأربعة أهداف، مقابل هدف وحيد، احتج عليه الفريق الفائز، في حين ألقينا اللوم على حارسنا الذي كان مرماه مثل ''المشخله'' وشبه مشرع لهجمات الفريق المنافس، وعلينا تحمّل كل السخرية التي سنتعرّض لها طيلة أسبوع بأكمله، وحتى نأخذ ثأرنا منهم في المباراة المقبلة، لكن هذه المرة المقبلة لم تكن لصالحنا دائماً، رغم اللعب والصمود الذي أبداه فريقنا، لأن النتيجة كانت لصالحهم بهدفين لهدف· ظل فريقنا يتعكز، ولم نفز بمباراة إلا بعد أن أصبحت فانيلاتنا وهافاتنا الرياضية ملحاء، وطار صبغها، ومُحيت أرقامها التي كتبناها بخط رديء على ظهورنا، وكبرت أقدامنا على قياس الأحذية الرخيصة التي اشتراها بعضنا، أما البعض الآخر فكان يلعب حافياً على ذلك الملعب الرملي ذي الحصى الصغير والمدفون، بعارضاته التي كنا نغرزها بشكل مؤقت في الأرض· اليوم·· حين أقلّب نظري في تلك الصورة بالأبيض والأسود الباهتة، التي تقصفت وكادت تذوب بعض ملامح اللاعبين القدامى والتي أخذها على عجل ذلك العكّاس غير الماهر في زاوية من ''استوديو ساحل عُمان'' الجديد·· أحاول اليوم أن أتذكّر الجميع، لأعرف أين ذهب أعضاء ذلك الفريق المنهزم كثيراً، بادئاً بـ''كابتن'' الفريق، ومدربه في آن واحد، والذي لم يكن يعرف إلا أن ''يشوت'' الكرة عالياً، تلك كانت مهارته الوحيدة، إضافة إلى بداية خط شاربه البارز الذي أعطاه ميزة الأمر والنهي، هو اليوم أصبح سفيراً في بلاد بعيدة، ولا نراه أبداً· أما الحارس الذي كثيراً ما كنا نحمّله هزيمة الفريق من تلك الكرات السهلة التي تتسرّب من بين يديه أو قدميه، فهو موظف شبه متقاعد، لكنه مواظب على أشيائه القديمة، لعب الورق، وإعادة مشاهدة مباريات كأس العالم القديمة على الفيديو، وشرب شاي الحليب ''الكرك'' مساءً، ما زال صاحب رحلات برّية و''كشتات''، ويعرف يطبخ وينفخ، ويعشق صنع الشاي في إبريق على الجمر· أما ''الباك'' الطويل، فقد أتعبته الحياة، وغرَّبته حياة المدينة الجديدة، فغاب فيها، وبالكاد نسمع عنه شيئاً· أما لاعبا الـ''هاف باك'' فقد ظل عودهما ناقصاً، وتوقفا عن النمو، إلا في عضلات القدم، واحد يعمل ضابط صف في الجيش، والآخر شرطي متقاعد· لاعب الوسط أكمل دراسته في أميركا، وعاد لا يعرف أحداً منا، ربما يشتغل في شركة بترولية الآن -على ما أظن- له أصدقاء جدد يرطنون الإنجليزية بطريقة غير التي علمنا إياها الأستاذ محمود في المدرسة الإعدادية، يقال ان أولاده لا يشبهون سحنة أولاد العين، حتى أن جدتهم حين تراهم تضحك من حلاقة رؤوسهم، وتقول: إنهم لا يعرفون السنع ولا المنقود·· ولا تدري على من ظهروا·· وغداً نتابع تقليب الصورة في استراحة السبت·