المراكز الصيفية على أيامنا·· أيام اللؤلؤ، رغم فقر الإمكانات ومحدودية العطاء، إلا أنها استطاعت أن تفرز مواهب كثيرة، فقد ساهمت في صقل تلك القدرات الصغيرة، وطوّرت بعضها أو كشفت عن الجانب المضيء في الموهبة، وكانت كافية لكي يتلقفها الطالب الصغير، ليكبّرها معه، ويصعدا معاً نحو النجاح والتفوق، إن صبر وثابر عليها· كانت تلك المراكز الصيفية التي تختار لها مدرسة معينة في كل صيف، تضم بالإضافة إلى الألعاب الرياضية، وألعاب التسلية التي تزيد كل صيف لعبة جديدة، مسابقات ثقافية ومعلوماتية، وقراءة الكتب المتوافرة آنذاك، وعمل ورش للرسم والحفر على الخشب، وتعلّم كتابة المجلات الحائطية والإذاعة المدرسية والاشتراك في الرحلات الجماعية· اليوم·· هناك أشياء كثيرة متوافرة للطلبة، لم تكن على أيامنا ولم نكن نحلم بها، اليوم·· هناك ألعاب شعبية ومهارات تراثية، انقطع عنها الجيل الجديد، في حين كنا على أيامنا نمارسها بطبيعتنا وبين منازلنا، هناك مهارات تعليمية على الكمبيوتر، وتعلّم لغات أجنبية، جيل أيام اللؤلؤ، يحسد جيل النفط على كل هذه الأشياء، والألعاب، والمهارات المتوافرة، والتي لم يتعب عليها ومن أجلها، مثلما كنا نحن نبحث عنها، ونضرب لها أكباد الإبل· كنا نتعب لكي نتعلّم شيئاً عن التصوير الفوتوغرافي، اليوم ليس هناك طالب لا يقدر أن يشتري كاميرا، لكن من يتعلّم التصوير؟ كانت ألعاب التسلية المتوافرة هي''الكيرم والمونوبولي'' والشطرنج، واليوم·· ألعاب إلكترونية وألعاب تنمي الذكاء، وألعاب بالأبعاد الثلاثة، وألعاب تخترق بك الزمن، لتقرأ المستقبل وتحفّز لديك الخيال· اليوم·· فرصة تعلّم أكثر من لغة أجنبية، سهل وميسر، وبوسائل تعليمية متقدّمة، أما على أيامنا، فغير إنجليزية الأستاذ محمود التي على قدها، وغير كتاب تعلّم لإنجليزية في خمسة أيام دون معلم، لن تجد، ولن تجد من تتعلّم منه في الشارع مثل اليوم· اليوم·· هناك آلات موسيقية، لكنك لن تجد من يجدّ في تعلّمها، ولا التشجيع صوب احترافها، أما على أيامنا فغير مراويس وعود محمد زويد لا نجد، فكنا نصنع أعوادنا بأنفسنا''بيب أو كلن آيل'' وخيوط نايلون''سمساح'' ولمع البرق اليماني· اليوم·· تبدو الهوايات غير قابلة للنمو والظهور، كونها في حسابات الجيل الجديد، لا تكسّب شيئاً، وفي نظر بعض الأهالي، هي مضيعة للوقت، رغم وجود كل الوقت عند أولادهم، ويمكن أن يضيعوه في أشياء أقل أهمية، وأكثر خطراً· على أيامنا·· كنا نتعلّم فن الزراعة البسيطة وفن التجارة البدائية، وفن أعمال الحدادة والميكانيكا، واليوم·· أتمنى أن تعود مثل هذه الأشياء والمهارات الأساسية في المدارس، وفي المراكز الصيفية، وتقف إلى جانب تعلّم الفروسية والسباحة والرماية وغيرها من الأشياء التي تربي الرجولة المبكرة في نفوس النشء، مع تهيئة فرص للرحلات الجماعية، سواء في الداخل أو الخارج، لأنها هي الأخرى تزرع الاعتماد على الذات وتعلّم تحمّـل المسؤولية منذ بواكير سنوات العمر· مراكز في الصيف·· قد تحفظ أولادنا من الانزلاق نحو التافه من الأمور، ونحو تعلّم عادات سيئة، محطّمة للنفس والمجتمع، وقد تجد في نفوس الصغار مواهب تريد لها الوقت وإتاحة الفرصة والأخذ بيدها، لتكبر معهم ومع أعمارهم، وتعطي المجتمع جيلاً خلاّقاً، ومبدعاً في شتى العلوم والفنون·· وفي الحياة·