على صلة غير بعيدة بموضوع الأمس حول التعامل المتشدد في العالم مع تجاوزات من يفترض بهم أن يكونوا قدوة في المجتمع، أشير إلى قضية الملاكم الشهير نسيم حميد، حيث أصدر القضاء البريطاني عليه حكماً مشدداً بالسجن خمسة عشر شهراً وبغرامة مالية كبيرة بسبب قيادته لسيارته بسرعة كبيرة وصدمه لسيارتين وتسببه في إلحاق إصابات بالغة بمن كانوا فيهما، وكان السبب الأكبر وراء العقوبة المشددة أنه هرب من مكان الحادث وحاول تضليل مجرى التحقيق· بريطانيا التي كانت ترى فيه 'دلوعة' لعبة الملاكمة وأنعمت ملكة البلاد عليه بلقب 'سير'، لم تتهاون معه في هذه القضية التي قال القاضي الذي نظر فيها: إن البطل الرياضي لم يتصرف وفق أخلاقيات الرياضة وروحها في مد يد العون والمساعدة لمن يحتاج إليها، وكذلك التصرف بشجاعة لتحمل المسؤولية عند ارتكاب أي خطأ، فما بالك بخطأ كاد أن يودي بأرواح بريئة· كما أن القاضي أكد على أن الرجل يعد من مشاهير المجتمع الذي يجب أن يكون قدوة للمعجبين به من الشباب الذين ينظرون إليه كبطل رياضي·
وهذا مجرد نموذج تعود وقائعه لبضع أيام مضت ولايزال ماثلاً أمامنا ونحن نتابع تداعياته عبر الإعلام البريطاني وصحف 'التابلويد' التي تقتات من فضائح وسقطات المشاهير، وأسقطت مؤخراً كذلك عدداً من وزراء توني بلير الذي تخلص منهم بعد أن وضعوه في مواقف لا يحسد عليها وتسببت في تراجع حزب العمال خلال انتخابات البلدية الأخيرة والتي حملت للحزب الشهير نذر خطر حقيقي·
لذلك فإن القضية التي جرت مؤخراً باعتداء من يفترض أن يكون 'تربوياً' على زميل له في الميدان وأمام أنظار التلاميذ استأثر باهتمام ومتابعة غير عادية، على أساس أن السلوكيات منظومة متكاملة لشخصية الإنسان والحقل الذي يعمل فيه، ورفض اولئك الذين يقولون ما لا يفعلون·