لايمكن السكوت على جرائم ترويج الاغذية الفاسدة، وعلى الرغم من ان هذه الجرائم قد تكون محدودة الا انها تبقى في النهاية جرائم بشعة في حق المجتمع، واذا كان القانون يجرم الغش بانواعه والتزوير والتزييف ويضع عقوبات صارمة على كل من يثبت ارتكابه هذه الجرائم فانه من الاولى اعادة النظر في التشريعات الخاصة بسلامة الاغذية بدءاً من مرحلة التصنيع مرورا بالترويج وانتهاء بالوصول الى المستهلك·
ان التشريعات الحالية في حاجة لاعادة نظر خاصة عندما يرتبط الامر بسلامة الغذاء ومكوناته الاساسية والفرعية، وفي كل دول العالم المتقدم تحظى السلامة الغذائية باهتمام كبير وهناك تشريعات وقوانين تحدد آليات الرقابة والتفتيش الغذائي وتقنن الى مدى يمكن تجريم هذا الفعل او ذاك عندما يرتبط بسوء التصنيع او الانتاج او التخرين او الترويج بمادة من المواد الغذائية·
وفي دولتنا والحمد لله هناك اهتمام كبير بهذا الامر ولكن تقع من حين الى آخر جريمة هنا او هناك ترتبط بالغذاء وبالطبع فان مايكشف من هذه الجرائم قد لايكون هو العدد الاجمالي لجريمة التزوير او التزييف في تاريخ صلاحية المواد الغذائية، ومن هنا فان دور الاعلام في هذا الصدد يعتبر دورا حيويا إذ يلعب الاعلام من خلال مايقدمه من مضامين اعلامية في الصحافة والتليفزيون والراديو ادوارا متنوعة في توعية الجمهور ويلاحظ ان هذه الادوار تكاد تكون ضعيفة خلال السنوات الماضية اذ نادرا ما يتطرق الاعلام الى هذه القضية على الرغم من خطورتها، وقد يكون تنوع الجهات المشرفة على التفتيش الغذائي والرقابة الغذائية احد اسباب ضياع الطاسة اذ انه كلما تنوعت وتعددت جهات الرقابة كلما تاهت تفاصيل كثيرة، وحتى اليوم لانعرف هل الرقابة الغذائية مسؤولية البلدية ام ادارة الصحة ام اجهزة الشرطة ام التجار سواء الجملة او التجزئة ام المستهلك·
وقد تكون الاجابة هى انها مسؤولية هؤلاء جميعا ولكن الى ان يعمل هؤلاء تحت مظلة واحدة ووفق برنامج عمل تحدد من خلاله آليات الرقابة الغذائية الى ان يحدث ذلك ستظل الطاسة تائهة ·
في تصوري الشخصي ان هذه الجرائم المرتبطة بتزوير صلاحية المواد الغذائية الفاسدة واكسابها وضعا قانونيا سليما من خلال كتابة تواريخ انتاج وصلاحية جديدة عليها وترويجها في السوق والاصرار على وصولها الى مائدة المستهلك تمثل ابشع انواع الجرائم التي لايمكن السكوت عليها ولايمكن التعامل مع مرتكبيها الا بالردع ·