الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

الأمن معضلة حماس الكبرى

3 فبراير 2006

أحمد إبراهيم:
تتواصل ردود الفعل على الساحة الإسرائيلية بعد النتائج المذهلة والفوز الساحق الذي حققته حركة حماس في الانتخابات الفلسطينية الأخيرة، وهو الفوز الذي سيؤهل حماس لقيادة الشعب الفلسطيني خلال الأعوام الأربعة القادمة ويضع حركة فتح بعد قرابة نصف قرن من تأسيسها في مصاف المعارضة لتواجه حركة حماس العديد من التحديات الهامة التي يجب أن تنتصر فيها وتتغلب عليها لقيادة الشعب الفلسطيني·
ومن أبرز هذه التحديات إعادة تنظيم قوات الأمن الفلسطينية، وهي المهمة التي ستكون التحدي الأول والأكبر أمام حركة حماس بعد فوزها الأخير خاصة وأن هذه النقطة طالما استغلتها الفصائل والقوى المعارضة في الشارع الفلسطيني وعلى رأسها حماس من أجل انتقاد سلوك 'فتح' التي بات واضحاً عجز أفرادها عن قيادة الأمن أو حفظه منذ الإعلان عن اتفاقيات أوسلو وبناء سلطة الحكم الذاتي في الضفة الغربية وقطاع غزة حتى الآن، حيث باتت عمليات الاغتيال والاختطاف هي السمة الأساسية لتعامل الفلسطينيين سواء مع بعضهم البعض أو مع بقية القوى الخارجية ،ولعل الأزمات الأمنية التي واجهتها فتح خلال السنوات الخمس الأخيرة أكبر دليل على ذلك حيث عمت الفوضى الشارع الفلسطيني وتواصلت عمليات الاغتيال ضد كبار المسؤولين الفلسطينيين ،ومثال ذلك موسى عرفات الذي تم التنكيل به قبل قتله وسط عائلته في قطاع غزة ·
الأهم من ذلك كله أن كبار قاده حركة حماس الذين كانوا مطاردين في السابق من قبل قوات الأمن الفلسطيني باتوا الآن هم أصحاب الكلمة الأولى على الساحة السياسية حيث أعطتهم الانتخابات القوة الدافعة لفرض كلمتهم على هذه الساحة بعد سنوات من البقاء في أركان المعارضة ،ومن هنا باتت حماس أمام المعضلة الكبرى وهي قيادة الأجهزة الأمنية ·
وبجانب ذلك تواجه حماس تحد آخر وهو بناء الأجهزة الأمنية وتنظيم عملها، حيث وصل عدد الأجهزة الأمنية الفلسطينية إلى قرابة 29 جهاز أمني تتنوع بين أجهزة شرطة وامن تابعة ليس فقط للسلطة الرسمية بل للفصائل والتنظيمات الفلسطينية الأخرى، الأمر الذي سيفرض على حماس تحد هام وهو تنظيم عمل هذه الأجهزة بل وترتيب عملها الداخلي المترهل وتصفية الأجهزة التابعة للمنظمات غير الرسمية الأخرى·
أزمات دولة
المعهد السياسي الإسرائيلي أشار في تقرير له بعنوان ' أزمات ' نشر في السابع والعشرين من شهر يناير الماضي بعد فوز حماس بالانتخابات الفلسطينية الأخيرة أن الأزمة الأمنية وإعادة بناء الأجهزة المرتبطة بها والتي دمرت جميعها في الانتفاضة الفلسطينية سيمثلان الأزمة الأساسية أمام حركة حماس على الصعيد الأمني ،خاصة وأن أغلب الدول التي تمنح الدعم المادي اللازم للفلسطينيين من أجل تطوير القطاع الأمني ترتبط بعلاقات سلبية للغاية مع حماس ومثال ذلك الاتحاد الأوروبي الذي يمنح السلطة الفلسطينية سنوياً قرابة 500 مليون يورو والولايات المتحدة التي تمنحها 150مليون دولار للنهوض بهذا القطاع بالتحديد واللتان أعلنتا عن توجسهما الشديد من فوز حركة حماس في الانتخابات الفلسطينية ،وهو الفوز الذي طالب كلا الطرفين بضرورة أن يتبعه تنازلات وخطوات سياسية 'حمساوية' تتعلق في البداية وقبل أي شيء بضرورة الاعتراف بإسرائيل والتعهد بالجلوس معها في مفاوضات مباشرة بالمستقبل·
بالإضافة إلى نقطة هامة متمثلة في سيطرة كافة أعضاء حركة فتح على الأجهزة الأمنية الفلسطينية بداية من أجهزة الشرطة أو الاستخبارات بمختلف أنواعها ، الأمر الذي سيضع حركة حماس في مأزق حقيقي خاصة مع توليها القيادة السياسية في فلسطين ،حيث من المتوقع أن تتولى هذه القيادة السياسية قيادة عسكرية وهو ما لم يرض به أعضاء حركة فتح بسهولة ،حيث أن الحركة ومنذ تأسيسها ترفع شعار توفير الأمن وحماية الفلسطينيين وهو ما كانت تتلقى على أساسه الدعم سواء المادي أو السياسي، الأمر الذي سيعقد المهام الأمنية أمام حركة حماس مع توليها لها في المستقبل·
ولقد برزت هذه النقطة بالتحديد عقب الإعلان عن فوز حماس بالانتخابات الفلسطينية ووقوع عدد من المعارك المسلحة بين أنصار حماس من جهة وأنصار فتح من جهة أخرى ،وهو ما أسفر عن إصابة قرابة 10 أشخاص بجروح متوسطة·
الملفات القديمة
ويضيف التقرير أن هذه المعضلة الأمنية التي من المنتظر أن تتعرض لها حركة حماس في المستقبل سيتبعها عدد من المشاكل والمعضلات الأخرى أهمها إن لم يكن أخطرها جميعاً قضية فتح الملفات القديمة ومعالجة المشاكل التي تسبب فيها بقاء فتح في منظومة السلطة الفلسطينية طوال هذه المدة منذ نشأة منظمة التحرير الفلسطينية حتى الآن ،معتبراً أن هذه القضية بالتحديد ستكون الأخطر والأهم خاصة وأن حماس تعلم تماماً حجم المشاكل الإدارية والفساد الذي يسيطر على الهيكل الإداري الفلسطيني والذي كانت الحكومة السابقة تتذرع دائماً بالاحتلال من أجل التغطية عليه، وهو ما كان يغضب قادة حماس الذين اعترفوا أكثر من مرة أن المشاكل الإدارية الخطيرة التي تواجهها السلطة الفلسطينية أخطر وأهم من مشاكل الاحتلال معتبرين أن ما تمخض على الساحة الفلسطينية منذ غياب 'أبو عمار' عنها يعتبر أكبر وأهم دليل على حجم المشاكل الإدارية التي تتعرض لها الساحة السياسية الفلسطينية·
ويختتم التقرير تأكيده بتوقعات كبار الخبراء والمحليين السياسيين في إسرائيل بإمكانية حدوث مفاوضات مستقبلية بصورة مباشرة أو حتى غير مباشرة بين حماس وإسرائيل ، غير أنه من المستبعد أن تتم هذه المفاوضات الآن خاصة في ظل هذه المشاكل الإدارية المتراكمة التي تسيطر على الساحة الفلسطينية ،حيث ستبدأ حماس في إعادة ترتيب البيت الداخلي وإعادة بناء الكثير من المرافق والخدمات التي تقدم للشعب الفلسطيني ،وهو ما يعد بمثابة التحدي الأول والأبرز أمام هذا الشعب الذي عاني الكثير من الظلم وقدم العديد من التضحيات من أجل نصرة قضيته ·
غير أن السلوك الديمقراطي البارز الذي ظهر به الفلسطينيون في الانتخابات الأخيرة وتمسك حركة حماس بوجود الرئيس 'محمود عباس أبو مازن' على رأس السلطة يعكس المشهد الحضاري والطريق الديمقراطي الذي يسير عليه الفلسطينيون ،وهو ما يؤكد أن كافة المشاكل التي من الممكن أن تواجه الشعب الفلسطيني في المستقبل من الممكن التغلب عليها خاصة مع روح الشراكة الإيجابية التي تميز بها الفلسطينيون خلال الانتخابات الأخيرة·
وبالتالي يعكس هذا التقرير الإسرائيلي رصد تل أبيب لمختلف التطورات السياسية على الساحة الفلسطينية عقب الانتخابات ، وهو الرصد الذي بات هاماً للغاية خاصة مع وصول أحد أبرز الفصائل المعادية لإسرائيل على مقعد السلطة الفلسطينية·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©