باريس-'الاتحاد': بدأت المنتجات الغذائية البيولوجية تغزو رفوف متاجرنا وسط إقبال شديد من المستهلكين لأنها أكثر ملاءمة للصحة والبيئة، وإن كانت أغلى ثمناً·
ما هي هذه المنتجات؟ وما هي الزراعة البيولوجية؟
إنها طريقة في إنتاج الأغذية وحفظها وتحويلها من دون خلطها بأيّ مادة· وهكذا، فإن ما تنتجه الزراعة البيولوجية من فاكهة وحبوب وخضار لا يتأتى من بذور معدلة وراثياً، ولا تستعمل فيه المبيدات الزراعية ولا الأسمدة الكيماوية، كما يشترط في زراعتها مراعاة شروط الدورات الزراعية وإعادة تركيب المواد العضوية إضافة إلى التزام زراعة كل صنف في موسمه الطبيعي·
أما بالنسبة لتربية المواشي وفقاً لمبادئ الزراعة البيولوجية، فالقواعد صارمة: يمنع تماماً استخدام العلف الحيواني ويمنع استخدام المضادات الحيوية (Anti-biotics) إضافة إلى تأمين مساحات رحبة لمبيت تلك المواشي·
والقواعد صارمة أيضا فيما يتعلق بالمنتجات الزراعية التحويلية كالألبان والأجبان ومركز عصير الفاكهة والوجبات المطبوخة مسبقاً وغيرها، إذ لا يسمح أن تكون بمواد التخمير ومواد النكهة وزيوت الصويا وغيرها، مشتقة من بذور معدلة وراثياً (OGM) إضافة إلى ضرورة إتمام عمليات التحويل على نار معتدلة وثابتة، بهدف الحفاظ على طبيعة الزيوت وتحاشي السموم الناجمة عن احتراقها، والحفاظ كذلك على طبيعة الحبوب وعصير الفواكه·· إضافة إلى ضرورة حفظ المنتجات التحويلية في أماكن جيدة التهوئة·
يشير الخبراء إلى أن عملية نمو النباتات البيولوجية عملية أكثر بطئاً ما يجعلها أقل احتواء للماء وأكثر احتواء للمواد الجافة وفيها نسبة أكبر من الفيتامينات والأملاح، مع الحفاظ على النسبة نفسها من الوحدات الحرارية·
وهكذا، فإن الأغذية البيولوجية توازي الخضار من ناحية القيمة الغذائية، وفي المقابل، فإن لديها الكثير من الايجابيات كخلوها من المبيدات والسموم الزراعية، يمنع تحلل الفيتامينات، إضافة إلى ان أراضي الزراعات البيولوجية يشترط فيها أن تكون أكثر خصوبة، ما يجعلها أكثر ملاءمة لزرع وضرع أسلم صحياً وأجود نوعاً·
وبالإجمال، فلحوم المواشي البيولوجية لا تقل عن المواشي الأخرى من حيث القيمة الغذائية، وإن كانت المعادلة معكوسة بالنسبة للنباتات البيولوجية·
وفيما يتعلق بمذاق ونكهة المنتجات البيولوجية، يقول خبراء التغذية: 'لا فرق إجمالا في المذاق، وإن كانت بعض الخضار البيولوجية تقل لذة لا جودة وفائدة· لكن هل هي أسلم صحياً؟ هي كذلك فعلاً بسبب احتوائها على نسب ضئيلة من المبيدات والنترات وغيرهما من السموم، إضافة إلى أن منع استخدام مبيدات 'الفونجيسيد' في الزراعة البيولوجية يمنع تكون مواد على المساحات النباتية قد تؤدي مع الوقت إلى السرطان·· ولا تزال هذه المسألة في الإطار النظري وبلا أي تأكيدات عملية حتى الآن· وإن كان ثابتاً أن الدورات الزراعية الطبيعية للأرض تحول دون نشوء مختلف أنواع الفطريات عليها· كذلك، فإن الزراعة البيولوجية أفضل بكثير من ناحية احترام التوازن البيئي بسبب اعتمادها على طاقة أقل وعلى يد عاملة أكثر، لأن هذه الطريقة في الإنتاج الزراعي هي أقل أذى وأقل تلويثاً للبيئة سواء بالنسبة إلى البشر أو النظام البيئي، حسبما يؤكد خبير التغذية الفرنسي الدكتور 'رينيه لوسيرف'·
إلى ذلك، فإن مراعاة الدورات الزراعية والتخفيف من استعمال المبيدات، يؤديان إلى إبطاء عملية إفقار التربة وتلوثها إضافة إلي تنشيط التعددية الزراعية حيث أن انخفاض نسبة تلوث الماء والهواء في حقول الزراعات البيولوجية يؤدي إلى تقليص ظاهرة الاحتباس الحراري العالمية، إضافة إلى أن القيام بالزراعة في الموسم والتربة المناسبين يؤدي إلى إعادة اكتشاف أنواع عديدة من الزراعات المنسية·
وبسبب كلفتها الأعلى من الزراعة العادية بنسبة تفوق 30 المئة إضافة إلى أن حجم محاصيلها أقل، فإن المنتجات البيولوجية تعتبر غالية، كما أن خضار طبق سلطة بيولوجية يلزمها سبعين يوماً لكي تنمو وتنضج، مقابل 45 يوماً فقط لخضار عادية·
ويعود ارتفاع كلفة الزراعة البيولوجية أيضاً بسبب حاجتها إلى يد عاملة أكثر بأربعة أضعاف من العادية، وتبقى أسعار المنتجات البيولوجية مرشحة للارتفاع بسبب قلة العرض مقابل الطلب المتزايد عليها·
وفي الوقت الحالي، لا تتوفر أي تقارير احصائية رسمية حول انتشار الزراعة البيولوجية في حين تكاد تكون فرنسا البلد الوحيد في العالم الذي يمتلك إحصائيات موثقة حيث تغطي الزراعة البيولوجية 1,3 في المئة من إجمالي أراضيها الزراعية، كما أن نصف الفرنسيين يتناولون منتجات غذائية بيولوجية· من جهتها، تعمل الحكومة الفرنسية على تعزيز انتشار هذه الزراعة التي تطمح إلى رفعها إلى نسبة 7 في المئة في خلال العام الحالي· وفي هذا السياق جرى في أكتوبر الماضي تشكيل هيئة خاصة للزراعة البيولوجية ضمت إلى الهيئات الحكومية المختصة ممثلين عن كبار المزارعين البيولوجيين·
'أورينت برس'
عدد اليوم
