السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

شارون المعركة الأخيرة وشوارع القدس

25 يناير 2006

ترجمة - شهرزاد العربي:
مثلما كان أرييل شارون مثار اهتمام دول العالم في سنوات الحرب وأيام المجازر ضد الفلسطينيين ، وخلال سنوات الانتفاضة، هو اليوم أيضا مثار اهتمام العالم رغم أنه يرقد الآن مريضا ولا أمل في عودته للقيام بمهامه مرة أخرى أو حتى مشاركته في النشاط السياسي، ومن بين المتابعات الصحفية الهامة لتاريخه العسكري والسياسي ودوره في أحداث إسرائيل الحاضرة أعدت مجلة ' ياري ماتش' الفرنسية ( العدد 2856) استطلاعا موسعا بقلم الصحفية ' جبريال مانجيه' ، قامت فيه بتقديم 'شارون' باعتباره بطلا وقائدا، مركزة على استطلاع جملة من آراء الإسرائيليين وعابرة -لإكمال المظهر العام - على آراء بعض الفلسطينيين، وقد بدت متعاطفة مع شارون إلى حد بعيد ·· هنا ترجمة بتصرف لأهم ما جاء في الاستطلاع :
في المياه الزرقاء لقناة السويس ولدت الأسطورة· إنها أسطورة رجل كسر الأوامر لكي يحول الهزيمة إلى نصر في حرب أكتوبر ··1973كان شارون يومها يعيش ساعات انتصاره، إذ كان عمره آنذاك 45 سنة وتمكن من أن ينال سمعة جيدة خلال أربع حروب· وبعد أكثر من 30 سنة لم يعروف شارون حدودا ، وفي سن السبعين فإن 'أريك' ' الأسد'- شارون- أطلق صرخة ' كديما' ( إلى الأمام) اسم الحزب الجديد الذي ينوي أن يفوز فيه في الانتخابات التشريعية في مارس 2006 بعد تحالفه مع خصمه الأسبق شيمون بيريز، لكن 'الأسد' أوقفه عدو هو وحده لم يكن يراه ··إنه العمر·
منذ بداية حياته اعتبر الجيش إرشادا و إلهاما ربانيا ·· فقد تكوّن من قبل الهجانة، الجيش السري، وكان على رأس الوحدة 101 سنة 1948 ، مكلفا بالعمليات السرية بعد أن عيّنه موشيه دايان، وبعدها أصبح مسؤولا عن فرقة مظليين·
وأثناء الهجوم الفرنسي -الإنجليزي على قناة السويس سنة 1956 والذي انضمت إليه إسرائيل·· كان شارون قد أقدم على عمل لم يكن ضمن خطة الهجوم، مما أدى إلى فقدان خمسين من رجاله، الأمر الذي أغضب موشيه دايان·
ضربات الموت
وبعد عشر سنوات طلبه إسحق رابين وعينه في منصب قيادي واستطاع من خلال ذلك الانتقام مما حدث له سنة 1956 عندما اندلعت حرب الستة أيام ، حيث تمكّن بفرقته من احتلال سيناء وتمت ترقيته إلى مرتبة جنرال·
وفي الأربعين من عمره ضربه الموت أكثر من مرة، حيث فقد زوجته الأولى سنة 1962 ثم ابنه البكر' جور'، الذي فقده مباشرة بعد نصر ·1967
أحاطت بالجنرال الشاب هالة من النصر بعد حرب الستة أيام فقد استطاع أن يفرض نفسه على الساحتين الوطنية والدولية برباطه الأبيض الذي يلف رأسه ، يحمله بفخر رغم التعب·
وفي سنة 1973 ليلة عيد الفصح 'يوم كيبور' انقضت مصر وسوريا على إسرائيل وتعرض الكيان الصهيوني إلى الضياع ، لكن شارون قرر أن يدافع ، فسيناء كلفته خمس سنوات من الانتصار، وفي نفس المكان سينتصر مرة أخرى· فهجومه المضاد الذي اتخذه رغم معارضة رؤسائه كان نصراً كاملاً
الأسد'- شارون - فاق في عمله أحلام كل الإسرائيليين، عندما قاد مجموعة من فوجه إلى حيث قناة السويس، وبمجرد إعلان وقف النار، فضح رؤساءه وعلى رأسهم' موشيه ديان'، وبما أن السلم 'الهراركي' للعسكرية لا يسمح بذلك، فإن شارون عزل عن منصبه··وهكذا بدأت مسيرته السياسية·
تنبؤ صحفي
وفي الوقت الذي كان الجميع يجزم أن مستقبل شارون السياسي يسير نحو نهايته، كان الصحفي الإسرائيلي' أوري دان' الوحيد الذي تنبأ له بهذا المستقبل المرموق، فبعد عودته إلى إسرائيل يوم 2 يناير تمت مكالمة هاتفية بينهما قال له فيها شارون ' لا تكلمني عن الطعام فأنا اتبع حمية'·
كان الوزير الإسرائيلي انتهى لتوه من غذائه مع أحفاده التوائم وطفل آخر يبلغ من العمر 8 سنوات قبل أن يعود إلى مقر عمله حيث تلقى مكالمة من وزير الدفاع يبلغه فيها أن إرهابيين كانا على وشك إرسال قذائف من شريط غزة الحدودي وتم توقيفهما، فشعر بالرضا·
هذا ما جاء على لسان' اوري دان' وهو يتذكر ما حدث يومها، أما شارون فقال عن صحته أنه أقوى من كل يوم، ومزاجه ضاحكاً، متفائلاً، يبعث على الثقة بالنفس، ومتأكد أنه بعد ثلاثة أشهر مع حزب' كاديما'- هذا الحزب الجديد الذي أسسه حسب مقاسه - أنه سيضع نفسه على رأس إسرائيل فيرسم الحدود النهائية والأبدية للوطن، لكي يوفر لشعبه الأمان ويعطي لمسيرته العملية خاتمة جيدة، لم يكن اوان الراحة قد حان فواصل بنفسه الإيقاع الذي كان عليه قبل الحرب·
في أحد أيام ديسمبر أفاق على الساعة الخامسة والنصف، فهو لا ينام إلا بعد منتصف الليل وكان يبدو أنه لاشيء يمكنه أن يوقف هذا البلدوزر لا مأساة شخصية ولا هزيمة سياسية · لا شيء استطاع أن يهزه، إنما خانه الجسد·
وفي يوم الأربعاء 4 يناير الساعة الحادية عشرة ليلاً وفي شقته بالقدس سمع روبرت اسبيرا ممثل الأولاد والبنات القادمين من فرنسا سمع بالخبر فاصيب بحالة ذهول لأن قبل ذلك بساعات كان قد قرر أن يحاور حماس لأول مرة ، فحزبه الجديد كان قد صادق على هذا·
يقول روبرت أسبيرا : ' ضد رغبة كل العائلة، وإخلاصي لحزب الليكود وصدمتي بتراجع اتفاق غزة، كنت مقتنعاً باتباعه، لم أكن أعرف أن الحزن يمكنه أن يبلغ بي إلى هذه الدرجة على رجل لا أعرفه شخصيا، لم أنم ليلتي تلك، فالأربع وعشرون ساعة تلاحقت، وهزت بعد ذلك إسرائيل ريح من الإرباك·
الأسد ··وآكل الخروف
الناس في تل أبيب يعيشون لحظة بلحظة التقارير الطبية للحالة الصحية لرئيس الحكومة، لقد أصيبوا بالحيرة ثم القلق، بعد أن علموا أنه مهما حدث فــ'الأسد' أصبح خارج اللعبة، الإسرائيليون أعلنوا حداداً سياسياً رافضين حسب عاداتهم عرض حزنهم على الملأ، هذا الحزن الذي يمكن أن يبدوا في عيون أعدائهم ضعفاً·
في نهاية الأسبوع الأول - الذي مرض فيه شارون - كان ديفيد افلاح البالغ من العمر 63 عاماً والعامل في مصلحة البريد يقف اسفل البناية التي تم نقل شارون إليها حيث ينتظرابنته ' لا يمكنني ألا افكر في الأمر، لقد كنت ممرضاً تحت أوامره أثناء حرب أكتوبر·· رأيته يقود معارك، إنه ليس السياسي الذي يعرفه الجميع، إنه رجل صلب قادر على أن يمشي مرفوع الهامة بين الأموات، رأيته يأمر الأطباء النفسيين بأن يرسل جنوداً يرتعدون خوفاً إلى المعركة، رأيته يستطيع أكل خروف صغير وحده ولهذا انتخبت دائماً شارون، لأنه كان يطمئنني'·· ومثله مثل كثيرين أعلن ديفيد حداده ' وأضاف : عندما يفارق شارون الحياة لن تكون هناك صدمة، فقد كنا منتظرين ذلك ·· لقد عاش شعبنا على مدى 2000 سنة العديد من الأحزان إلى درجة أننا لم نعد نستطيع أن نكون سوى فلاسفة من أجل أن نستمر في الحياة·
ويواصل ديفيد قائلا : '··اعملوا كما أن شيئاً لم يحدث ' هذا ما كان شارون نفسه سيقوله، وهذا ما كان يفعله في أكثر ساعات عمره ألماً، حيث يقول المقربون منه - بخصوصه- عندما توفيت زوجته ليلي من السرطان سنة 2000 في الوقت الذي كان يستعد لتولي منصبه رئيس الحكومة
ميكا··وشارون
في سوق 'بن يهودا ' المعروف بأنه منطقة نفوذ الليكود، · تسأل 'ميكا ياشان' إحدى قريبات شارون عن حالته الصحية ، فترد '··إننا نأمل' وهي تناول زبونها أحد ابتكاراتها الجلدية ، من هنا كانت ليلي تأتي لاختيار 'جاكيت' من الدّيم، لوزيّه أو كحليه لشارون··' ميكا' ذات الخمسين ربيعا، مثيرة، متزوجة من رجل إسرائيلي جد معروف لم تتوقف يوماً عن رؤية شارون الذي كان أيضاً صديقاً لوالدها ·
وزير الاقتصاد لم يكن يحب الحديث عن الأمراض،·· لم يكن من النوع الذي يلفت الانتباه ومع ذلك يقول : أذكر أنني كنت إلى جانب سريره في المستشفى بعد أن أجريت له عملية في الطحال منذ سنوات فقد أرسل الممرضة في جولة، ولم يترك أي فرصة للألم ليظهر على وجهه·
ويواصل :البارحة كان من أكثر الرجال المكروهين ، بعد الانسحاب من مستوطنات 'جوش كاتيف' ··المراقبون الدوليون اعتبروا المقاتل الكبير الصامت كبطل للسلام' غير أن أفكاره لم تتغير أبداً، إذ تبنى فقط طرق مناسبة لكل فترة، فمعتقداته هي نفس تلك التي رضعها من ثدي أمه، فتراه هنا في المزرعة القديمة في أكفر ملال على بعد 30 كلم من تل أبيب في السهل المسمى شارون، حيث ولد اريال شيرمان سنة ·1928
الأم ' فيرا'
ويقول ماكوب لاندو: 'عندما انتقل والدي إلى العيش هنا لم يكن المكان سوى قرية جد صغيرة ، لم يكن يوجد شيء سوى تجمع صغير محاط بقرى عربية معادية ·· لقد اختفت اليوم،'
ويتذكر آفي نعوم (65 عاماً) جاره المقابل فيقول: كان ارييل قد بلغ 13 عاماً عندما ولدت، وكان يقوم بنوبات من الحراسة الليلية مسلحاً بهراوة وسكينا لحماية 'الموشاف' - الجمعية التعاونية الزراعية- التي كوناها·
هنا تكوّن قدره في ظروف صعبة ، والداه كانا مختلفين عن الآخرين ، أمه 'فيرا' أصبحت مزارعة، وهي التي كانت في بروسيا تجالس الشعراء والفنانين وتدرس الطب ، أما الأب فأكراني، مهندس زراعي تميز بمزروعاته المبتدعة ورؤاه السياسية، كان صهيونياً مثل الآخرين لكنه لم يكن اشتراكياً، ومن بين كل البيوت كان بيتهم محاط بسياج، لا يحبون الاختلاط بالآخرين، فيرا كانت قوية، ليس فقط جسدياً إنما أيضاً مشاعرياً، لا تترك شيئاً يظهر على وجهها·
حتى عندما يرتكب أخطاء ـ فهو بشر ـ فنحن ندين له بالاحترام؛ لأنه كرّس حياته كلها لهذا البلد ، هكذا أكمل آفي نعوم ، تحت سماء محملة بالمطر·
:وبعد نصف قرن فإن 'أودي' - شاب في السابعة والعشرين من عمره - هو الذي حوّط بيت شارون بسياج من حديد بعد أن استأجره من شارون في السنة الماضية ··يقول أودي عن تلك التجربة ما يلي: كان يجب تغيير المطبخ كما أن الجدران بدأت تتهاوى·· لقد كان شارون دائما صاحب نفوذ لكن رحيله سيكون انهياراً سياسيا كبيراً،··أنا قلق مثل الجميع
وأضاف أودي قائلا: مسألة من سيخلفه هي على كل شفاه، في الشوارع والخانات ،الأمر الذي يحيرني أنه لم يحضّر أي شخص ·
نهاية رجال مائير
وبالعودة مرة أخرى إلى روبرت سبيرا نجد يقول : ما بعد شارون؟ سيظل سؤالا بلا جواب ، نهاية عهد الرجال العظام، المستبدين الجنود· رجال جولدا مائير، مناجم بيجن و بن جريون ··و منذ عهد قريب اريال شارون قرأ بيلوغرافيا الأخير وكان يفكر في وضع نظام رئاسي يستلهم أكثر من مؤسس الدولة اليهودية·
لكن ماذا عن مرضه بالنسبة للآخرين ؟·· تقوم مجموعة شارون بالذهاب إلى المستشفى ثم تطمئن ابناء شارون على حالته ، لأن شارون لم يتخيّل أنه سيغادر يوماً، لذا لم يقم بتأهيل أي وريث سياسي، لكنه يحب ايهود اولمرت فهو الكتف التي يستريح عليها أكثر من غيرها منذ عدة سنين، تؤكد ذلك ميكاباشان·
وفي شوارع القدس فإن الحديث عن شخصية هذا الرجل أوجدت تعاليق وأسرار، فإن هذا الرجل يجب أن يكون بطلاً لأنه يبدو أن زوجته كانت تكافح منذ وقت طويل إلى جانب الحركة اليسارية 'السلام الآن' ·· وهكذا يمكننا القول أنه كان يمكن أن يفلح مع حزب كحزب كديما، على كل حال يجب التحلي بالأمل،لأنه مثل شيمون بيريز و' نتناياهو'، فقد تم تجربتهما لكنهما لم يسيرا إلى الأمام فعملية السلام، كما قال' ديفي كوهين' الذي كان يجلس في مقهى إنترنت ·
أما فيما يخص' أمير بيرتز' - من حزب العمال - فيقول : قد يكون جيداً بالنسبة لمجتمعنا لكنه ابداً لن يستطيع إقرار السلام مع الفلسطينيين وهو مع اليمين الإسرائيلي·
وتشرح ديبورا تورجايت، موقفا قائلة : حفنة من المجانين من هنا أو من هناك هم الذين يعتقدون أن مرض شارون ما هو إلا عقاب إلهي، إلا أن شارون في المرحلة الحالية كان يدخل على الشعب أملاً حقيقياً
أما روبرت سيبرا فإنه يصل إلى خلاصة مفادها : أن العائلات التي تضررت مباشرةً إبان الانسحاب من غزة ، وكذلك الذين مازالوا يعانون هم ليسوا في حالة حداد على هذا الرجل السياسي ·
لن نرقص فرحا ··و لن نبكي
ويشرح ديفيد شبيرا أحد سكان المناطق المحاذية للأردن : بالنسبة لي فإن مشاعري متساوية، لكن عندما أنظر إلى مسيرة هذا الرجل لا يسعني سوى القول : أنه لا يوجد إلا شارون واحد في كل جيل، لكن تمكن من يفرض إعجاب معاديه، ومن الصعب أن يهدم الآخرون ما بناه، ورؤيته هكذا مريضا في المستشفى أمرا يدمي القلب، حتى وإن كنت أتمنى أن أراه مغادراً الساحة السياسية· لأنه لو فاز 'كديما' بعد عام فإنه علي أنا أن أحزم حقائبي وأغادر، بالنسبة لأمثالي فلا أحد يرقص فرحاً لمرض شارون لكننا أيضاً لا نبكي·
وفي يوم طلب من الناس أن يصلوا من أجله، وفوجئ أن دافيد شفيرا هو الآخر يطلب من جماعته بأن يصلوا من أجله' ويقر أن ابناءه أغلظوا له القول في ذلك المساء بالذات وأسر جيلاد شارون إلى أوري دان ' أن والدي سيخرج من أزمنة، أما 'جوزية كوهين 'الجراح فقد تعهد بأنه سيقاتل من أجل شارون كما قاتل هو من أجل الوطن حتى يتمكن من عودته إلى أسرته ويستطيع وهو في بيته أن يتابع الأوضاع السياسية للبلاد، ويضيف : بذلك نكون قد حققنا إنجازاً كبيراً·
صورة شارون على كرسي متحرك، هذا تماماً ما يتمناه البقال محمد القدرة، البالغ من العمر 38 سنة، فقد قال : ' أنا أتمنى أن يتألم شارون وهو يموت بقدر ما جعل الآخرين يتألمون'
وفي جو من الحماسة المفرطة فإن خبر اقتراب نهاية شارون كاد أن يدفع إلى نسيان الانتخابات التشريعية الفلسطينية يوم 25 يناير الجاري ' أنه من غير المعقول، فما عدا حماس فلا وجود لمؤتمرات ولا ملصقات سياسية، لا يتم الحديث إلا في مخيمات اللاجئين·
'·· الذين يأسفون لرحيل شارون يتوارون '··كذا قال' زياد مصطفى ، صحفي في الرابعة والشعرين من عمره، ويقول حميد البالغ من العمر 31 سنة والموظف في مركز خدمات إسرائيل قرب مدخل رام الله،: 'دون حياء اعتقد بدون شارون فإن عملية السلام تتعطل·· إن المسائل كانت في تقدم، ويمكن أن تسوء بالنسبة للجميع ··''
وفي نبرات صوت 'عبدالله فرانجي' أحد المسؤولين في فتح في غزة ، يبدو القلق ملموسا ، حيث يقول : مع أن التقارير الصحية لحالة شارون مطمئنة، لكن لا أخفي خشيتي من أن غياب شارون عن الساحة السياسية سيجعل المسألة أكثر تعقيداً·· إنها مرحلة جد دقيقة بالنسبة للأمريكيين والفلسطينيين على حد سواء·· إننا نتساءل من سيكون خليفة شارون، لم يكن يوماً صديقاً ، لكننا لا نستطيع أن ننسى أنه الرجل الذي أخلى المستوطنات في غزة ولا ننكر أنه شل حركة المتطرفين امن المستوطنين
ويتأسف روبرت سبيرا حين يقول: أنه من المؤلم أنه كلما اقتربنا من السلام - كما حدث منذ عشر سنوات مع إسحاق رابين - ينهار كل شيء مرة واحدة أما أوري دان الصديق والشاهد على المعارك المهمة التي خاضها شارون والتي أعتقد فيها دائماً أنه قد مات فيراه يعود وينهض من جديد ، ويقول : في1973 عندما عبرنا قناة السويس كان ينزف دماً في رأسه، كنا تحت نيران المدفعية المصرية · إنها لحظات حقيقية دراماتيكية مثل اليوم تماماً··وقال أحد الجنود الشبان أن قائد الفرقة هلك، لقد خسرنا المعركة، ويبدو أن شارون قد سمع ما قاله فقال: هل مع أحدكم شاش؟
إن صورته والشاش ملفوف حول رأسه اضحت رمزاً لنصرنا، اليوم رأسه مغلف بالشاش إلى درجة ألا تراه أبداً، إنه يخوض المعركة الأخيرة من أجل البقاء· أما ميكاباشا فإنها تصلي لينجو وتراه لسنين أخرى كثيرة أباً وجداً· وتحلم به وهو يهرم وهو يمشي على هذه الهضبة في أنيومون التي يحبها كثيراً وحيث ترقد ليلي، مقبرة تحت الحراسة منذ أن غادرها المستوطنون في يونيو الماضي، وكما كان يرد شارون بلا كلل ··وعلى كل حال ليس الحذر هو المهم إنما النتيجة·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©