اقترب موسم الحج حيث تهفو القلوب وتتطلع الأبصار إلى الأراضي المقدسة وحيث يستعد الآلاف من المواطنين والمقيمين لتأدية الفريضة· وتأدية الفريضة لا بد أن تمر بالمقاول·· وهنا تبدأ المخاوف والهواجس، فبعض مقاولي الحج يتصرفون بمنطق التاجر الجشع الذي لا يكتفي برفع الأسعار، بل يمارس كل أشكال الغش والتدليس، وهم في ذلك يضربون عرض الحائط بطبيعة الخدمة التي 'يتاجرون' فيها والمهمة التي تصدوا لها والتي ترتبط بأجمل فريضة وبرحلة العمر في حياة كل من يلجأ إليهم·
الدولة بجميع أجهزتها توفر للحجيج كل الإمكانات، تقدم لهم كل العون، تستنفر كل طاقاتها مع اقتراب الموسم وحتى نهايته لتقدم لهم كل ما يمكنهم من تأدية الفريضة، وعناية الدولة تصحب الحجيج حتى مغادرة البلاد عبر المنافذ البرية والمطارات وتستقبلهم في الأراضي المقدسة موفرة لهم خدمات الرعاية الصحية والتوجه الديني والوعظ والإرشاد·· ثم يأتي مقاول جشع ليفسد كل ذلك وليحول رحلة حجاجه إلى جحيم ويسيء إلى الدولة وإلى أبنائها·· والذاكرة تحتفظ بالكثير من مخالفات المقاولين المؤلمة خلال مواسم سابقة والتي وصلت إلى حد عدم توفير سكن أو وسائل انتقال لأعداد كبيرة من الحجاج مما اضطر بعضهم إلى قضاء أيام في الطرقات بعد أن خدعهم المقاول واختفى مع الأموال التي دفعوها· وعلى الرغم من تراجع مشاكل مقاولي الحج ومخالفاتهم خلال السنوات القليلة الماضية بعد الإجراءات العقابية التي طبقت على بعض المخالفين إلى أن المشكلة لا تزال مستمرة·· وفي مقدمتها الهوة الكبيرة التي تفصل ما بين وعود المقاولين المتعلقة بالسكن والمأكل والمواصلات وكل سبل الإعاشة وبين ما يقدمونه بالفعل للحجاج في الأراضي المقدسة، ورغم أن أسعار الحج في الإمارات تعتبر الأعلى والأغلى بين جميع دول المنطقة، وعلى الرغم من أن حمى زيادة أسعار كل شيء وأي شيء بسبب وبدون سبب قد أصابت مقاولينا فرفعوا رسوم وأسعار خدماتهم إلى الضعف هذا العام·· إلا أن خدماتهم ليست هي الأفضل، بل أن ما يقدمه بعضهم يستحق عن جدارة وصف الأسوأ· وكل ما نتمناه هو ألا يتكرر ذلك هذا العام وأن يمر موسم الحج على حجاجنا بسلام وأن يكتفي مقاولونا بالمغالاة في الأسعار وقصم ظهور من يتطلعون إلى أداء الفريضة دون تعـــــذيبهم في الأراضي المقدسة وشغلهم عن تأدية المناسك بالبحث عن مكان للنوم حتى ولو كان على الأرصفة·