الليلة قبل الماضية أصر أحد الأشخاص على أن يشرك الآخرين في احتفاله بمناسبة تخصه رغما عنهم، وشعر السكان في أحد الأحياء القريبة من شارع المطار بأبوظبي وكأنهم في ملهى ليلي، والموسيقى الصاخبة تقتحم جدران منازلهم وتقطع سكون الليل، وهم يحاولون الخلود للنوم في ذلك الوقت المتأخر استعدادا مع أبنائهم الذين يخوضون امتحانات الفصل الدراسي الأول·
حاول بعض الجيران بلطف وهدوء الإعراب له عن ضيقهم لطريقته في الاحتفال، ولكن الحبيب-وللأسف كان عربيا- لم يكترث بمشاعرهم ولا بحقوق الجيرة، فلم يجدوا بدا من الاتصال بالشرطة التي جاءت على الفور لتضع حدا ' للمسخرة' التي كانت تجري، واضطر صاحبنا لابتلاع لسانه أمام ضيوفه الذين انسحبوا تشيعهم نظرات السخط !·
مثل هذا الموقف المخجل يحدث للكثيرين من جانب بعض من يفهم الحرية الشخصية بأسلوبه، وبهذا الفهم يزعج الآخرين ويصر على ذلك بطريقة مؤذية للغاية للمشاعر مما يولد ردة فعل خلاف ما يتوقع، مهما كان توقعه هذا، سواء كان بحسن نية أو خلافه·
من صور الازعاج الذي يصل لدرجة القرف ما يقوم به الذين يصرون على ' تصدير' ما يسمعون في سياراتهم، ويرفعون صوت المسجل لدرجة لا تطاق، تتحول معه السيارة إلى
' ديسكو' متحرك على القاصي والداني أن يسمع الأغاني الهابطة جدا التي تبث منه·
الأمر مرده في الأول والأخير إلى ثقافة الإنسان ووعيه ومدى احترامه للآخرين وحدود فهمه لحريته الشخصية، والأسوأ عندما يتهم هؤلاء الآخرين بأنهم يضيقون ذرعا بالآخر ولا يتقبلونه، ويتناسون أننا في مجتمع منفتح متسامح، و ما أجمل أن يعرف كل منا حدوده دون أن يحتاج لمن يعرفه بها!!·