لاشك أن القضايا التي تناولتها قمة فهد تصب في صميم العمل الخليجي المشترك، بل العمل العربي بصورة أوسع، إذ أن هذه القضايا تشغل بال المواطن الخليجي وتستحوذ على تفكيره، فهي ترتبط بحياته اليومية واحتياجاته الأساسية، وفي مقدمة هذه القضايا تلك المرتبطة بالاقتصاد، إذ أن الاقتصاد هو ركيزة التكتلات السياسية في العالم حالياً، فقد التأم عقد الاتحاد الأوروبي اقتصادياً، وقدمت أوروبا من خلال الاقتصاد تجربة جديرة بالسير على نهجها والاقتداء بها·
وبالطبع فالمشروعات الاقتصادية التي يمكن تدشينها في دول الخليج العربي كثيرة، ولعل من أهمها انشاء سكة حديد خليجية، وهناك دراسات كثيرة حول جدوى خطوط السكك الحديدية خليجياً ودورها في دفع جهود التنمية واتاحة فرص عمل كثيرة أمام أبناء دول المجلس، بل والأكثر من ذلك تعزيز التواصل بين أقطاره وزيادة حجم التبادل التجاري للبضائع والسلع وغيرهما، إذ يحلم المواطن الخليجي بقطار يربط مدن وقرى الخليج العربي ضمن شبكة واسعة ومتطورة من السكك الحديدية على غرار القطار الأوروبي الذي يقطع مختلف أرجاء أوروبا على مدار الساعة·
وإذا كان اهتمام القمة بالشأن الاقتصادي فإن التعليم يأتي في مقدمة تطوير الاقتصاد، إذ لا يمكن الحديث عن تطور وازدهار اقتصادي دون تدشين مشاريع تنهض بالتعليم وتطوره من الجذور بحيث يكون تعليما مواكباً للعصر ومتفاعلاً مع قضاياه، تعليماً يعد المواطن الخليجي للانخراط في العصر والتعاطي مع المشكلات العالمية بأفق مفتوح على ثقافات وقيم الآخرين في اطار شامل من التسامح والتواصل الحضاري·
ولاشك فإن دول المجلس بها بعض التجارب التعليمية المتطورة، ولكن لا تزال هناك حاجة للانطلاق بالتعليم في الخليج العربي وفق منظومة متكاملة للتنمية البشرية وعلى قاعدة أن الاستثمار في التعليم هو أفضل أنواع الاستثمار، ومن هنا تأتي أهمية المناقشات التي دارت في القمة حول التعليم والنهوض به، إذ لا يزال يرى المواطن الخليجي حاجة ماسة لتطوير هذا القطاع وتفعيل دور البحث العلمي من خلال انشاء قاعدة خليجية للبحث العلمي وخدمة المجتمع، وكذلك تدشين مراكز علمية متطورة يمكنها البحث في أسباب عدد من القضايا الخليجية المشتركة مثل: التصحر وندرة المياه والبيئة وتنمية الثروة السمكية وتصنيع وتصدير الأسماك وغيرها من المشكلات التقنية والصناعية والاجتماعية والثقافية التي تخدم دول المجلس·
قضايا كثيرة تناولتها قمة فهد التي تحتضنها أبوظبي ومع الاهتمام بهذه القضايا والمناقشات التي دارت حولها فإن المواطن الخليجي ينتظر تجسيداً لنتائج القمة في صورة مشاريع تعود عليه بالنفع والفائدة·