لا تزال عملية التوعية بشأن خطورة مرض أنفلونزا الطيور تراوح مكانها، ولا يزال تناقل الشائعات في هذا الصدد أسرع من الجهد الارشادي القائم على حقائق علمية، وفي الوقت الذي تعلن فيه دولة الكويت عن اكتشاف حالتي إصابة بين الطيور بالمرض نقرأ تصريحات تقول إن دول الخليج خالية من المرض، ومن هنا يرى البعض في حالة تزايد الشائعات مبرراً خاصة عندما تسمع من يقول لك: لقد رأيت بأم عيني حريقاً كبيراً بالقرب من إحدى مزارع الدواجن ووقفت بسيارتي وتابعت الموقف فوجدت العمال يجمعون الدواجن حية ويضعونها في أكياس ويلقون بها إلى قاع الحفرة ثم يحرقونها·
هذا نموذج لشائعة أصر أحد الأشخاص على إعلانها في قلب المجلس ومن بعدها انطلقت شائعات كثيرة أخرى فهذا يقول وجدوا في الدجاج المجمد القادم من بعض دول آسيا المرض، وثان يقول إنه سمع في إذاعة دولة مجاورة أن المرض ظهر على 3 حالات في إحدى المناطق في الدولة، ورابع ذكر موقعاً للانترنت به صور تؤكد ظهور المرض، وخامس قال لو ظهر المرض فلن تعلن جهة ما ظهوره·
في قضايا كثيرة قلنا إن محاصرة الشائعات لا تتم إلا بنشر الحقيقة، وفي موضوع انفلونزا الطيور هناك لجنة عليا وهناك متابعة ولكننا في حاجة إلى جهد أكبر في التوعية وتعريف الجمهور، وأعتقد أن الكتيبات الارشادية تظل محدودة الفائدة خاصة عندما تقرأ فيها معلومات تثير لديك علامات استفهام وتحتاج لمن يجيب على علامات الاستفهام هذه فلا تجد·
كما أن بعض الجهات الحكومية دشنت موقعاً على الانترنت حول انفلونزا الطيور ومنذ انطلاق الموقع لم يتم تجديد معلومة واحدة فيه، وبالتالي تتساءل ما فائدة الموقع إذا كان مجرد مجموعة من الصور والمعلومات التي تفتقر إلى الحيوية والتجديد·
في عملية التوعية نحن بحاجة لمن يتحدث للجمهور مباشرة والجمهور يجد قناعة أكثر فيمن يحاوره وجهاً لوجه حيث يجد من خلال الحوار إجابات شافية على أسئلته واستفساراته، ولكن يرى البعض أن التوعية المباشرة قد تكون أكثر ضرراً في آثارها السلبية خاصة عندما يتحدث هؤلاء للجمهور ويقولون لقد قرأنا عن المرض في الانترنت وجمعنا ما كتب عنه في الصحف وهنا يجد السائل من الجمهور وكأنه يحدث نفسه·
مرض انفلونزا الطيور بث مخاوف كثيرة فالصغار الذين كانوا يصطفون بالطوابير أمام مطاعم الوجبات السريعة التي تبيع ساندويتشات الدجاج بدأوا يتحدثون عن مخاوف بشأن المرض، وما الذي يمنع من انتقاله، بل إن عدداً كبيراً منهم امتنع عن تناول لحوم الدجاج وكان البعض اكثر مغالاة عند رفضوا أيضاً تناول بيض الدجاج·
حالة من عدم الثقة تحاصر المستهلك ويريد من جهة ما طمأنته بأن ما يتناوله سليماً وليس ضاراً بصحته وبث الثقة في نفوس المستهلكين لا يأتى الا من الشفافية والمصارحة، حتى اتحاد منتجي الدواجن في الدولة هو الآخر اكتفى بالنفي منذ أسابيع ووقفت جهوده عند هذا الحد، ولا أعرف ما الذي يمنع هؤلاء من تدشين حملة للتوعية واصطحاب عدسات التليفزيون إلى داخل مزارعهم ونقل صور واقعية تؤكد للمستهلك أن الجميع يضع صحته وسلامته في المقام الأول·
ندوة تليفزيونية واحدة التي تناولت انفلونزا الطيور وكانت معلومات بعض المتحدثين فيها اشبه بمسرحية شاهد ما شافش حاجة حيث كان حديث هؤلاء على طريقة قرأت وسمعت وأقول لكم ما سمعته وقرأته، نحن في حاجة لمن يقول لنا بحثت في المختبر وأجريت التجارب ودلت الأبحاث على كذا وكذا، هذا ما نريده من توعية والا ستظل الشائعات تحاصر الجمهور، وسنظل نقول عليه العوض في الخط الساخن والموقع الالكتروني·