بصعوبة شديدة قاوم البعض نومه أمس وأدى صلاة العيد وهو بين النائم واليقظ، كثيرون كان صوت تثاؤبهم مسموعاً أكثر من تكبيرهم وتهليلهم خلال صلاة العيد، لم تعد فرحة العيد كما كانت في السابق فقد دخلت عادات جديدة على الأعياد والحياة بصورة عامة وأبرز هذه العادات السهر المبالغ فيه فالبعض يسهر، ولا يعي سوى السهر، عشرات الفضائيات تحت تصرفه، والعالم بين أصابعه، والوقت لم يعد سيفاً عند هؤلاء، وقديماً قال شوابنا السهر سوسة الجسم فهو ينخر في العظام ويهدها هداً·
لم يكن سهر المصلين وتأخرهم عن موعد الصلاة هو الوحيد فقد كانت مظاهر العيد التي نعرفها غير موجودة بالصورة التي تعودنا عليها فالبعض آثر الصلاة ومن بعدها هجع إلى مخدعه ليكمل نومه، والبعض الآخر اكتفى بــ المسج وثالث أراح نفسه من صدعة العيد واستقبال المسجات وإعادة ارسالها وأخذ عياله في اجازة لقضاء العيد في الخارج·
كنا نعد الأيام والليالي ترقباً للعيد فالعيد لم يكن يوماً نقضيه في الفرح والسرور بل كان في أيام طفولتنا رمزاً للتواصل الاسري، العائلات تتزاور، والمتخاصمون يتصالحون، الصغار يترقبون عطف الكبار وحبهم، والكبار يترقبون اطلالة الصغار وبراءتهم وهم يخطون نحو المجالس والبرزات في زينة العيد·
الناس تتساءل هل تغير طعم العيد وهل اختلف العيد عما كنا نعرفه من قبل، وهل دخلت المدنية بجيوشها التقنية على القيم والعادات لهذه الدرجة، البعض يرى أن العيد بصورته التقليدية لم يعد موجوداً سوى في ذاكرة نفر قليل من الذين عاصروه والبعض الآخر يرى أن العيد في الزمن السعيد ولى إلى غير رجعة مثل مناسبات كثيرة تغيرت وبعضها اندثر من قاموس حياتنا الاجتماعية، وفئة أخرى ترى أنه بالامكان استحضار الزمن الجميل ثانية وغرس القيم والعادات المحببة الى نفوسنا في قلوب الأبناء منذ الصغر·
في برزة العيد زمان كانت متعة الدنيا، أهل الفريج يتجمعون على الفوالة عقب صلاة العيد ويجلسون رباعة كل يتخبر عن علوم الآخر، ويشاركه فرحه وهمومه، زمان كان الكل في واحد الشياب والشباب حتى الأطفال يجلسون على العرقوب وتدور سوالفهم في محبة وتواد، واليوم تغيرت هذه الصورة مثل غيرها من الصور التي صرنا نحن إليها، وتهفو قلوبنا لرحيقها، ونردد قول الشاعر: ليت العيد يعود يوماً، وعيدكم مبارك·