فتحنا في الأسبوع الماضي ملف الجمعيات التعاونية والاتحاد التعاوني الاستهلاكي والاجتماع الذي عقد مع وزارتي الاقتصاد والعمل لمناقشة آليات ضبط الأسعار فإذا به ينتهي الى لا شيء، ومن ضمن ما طرحناه تلك الأرباح الخيالية التي تحققها الجمعيات، التي هي في الأصل جمعيات تعاونية، تهدف لخدمة المستهلك وتخفف عنه عبء ارتفاع الأسعار الذي تغالي فيه محال السوبر ماركت وكبار الهوامير من بعض تجار المواد الغذائية في الدولة·
كنا ندرك يوم فتحنا هذا الملف أننا نفتح باباً من مغارة كبيرة لا أحد يعرف باطنها من ظاهرها، ومثل كرة الثلج تدحرجت البيانات في طريقها من وزارة الاقتصاد الى الجمعيات والاتحاد التعاوني الاستهلاكي، وتضخمت قاعدة البيانات التي ترصد حالة الرفاهية التي تعيشها هذه الجمعيات التي أنشئت منذ سنوات تحت مسمى التعاونية، فإذا بها لا تعاونية ولا يحزنون، وذلك ليس رأينا، بل هو رأي شريحة كبيرة من القراء المستهلكين الذين تلهب ظهورهم نيران الأسعار ليلاً ونهاراً، وهو أيضاً رأي وزارة الاقتصاد التي رأت من الضروري تذكير الجمعيات بدورها كجمعيات تعاونية، وهذا يعني أن الجمعيات خرجت عن السياق، ولذا وجب تذكيرها، فالذكرى تنفع المؤمنين·
عندما قلنا إن الجمعيات تعيش حالة من الرفاهية لم نكن نغالي القول، فقد دلت البيانات التي نشرتها الاتحاد أمس على وجود هذه الحالة من الرفاهية وخاصة بين عدد من أعضاء مجالس الإدارات الذين تصل المكافأة السنوية لهم الى حوالى 55 مليون درهم وهو مبلغ لا يحصل عليه بيل جيتس راعي مايكروسوفت ولا حتى أعضاء مجالس إدارات الشركات العالمية·
وعلى الرغم من أن الدراسة أوردت هذا المبلغ، إلا أن بعض المتخصصين يقولون إن أرباح الجمعيات العام الماضي تجاوزت 700 مليون درهم، والقانون الخاص بالجمعيات منح صلاحيات يتم بموجبها صرف نسبة 10% من صافي الأرباح لرؤساء وأعضاء مجالس الإدارات، وهو ما يعني أننا أمام مبلغ صافي الأرباح لرؤساء وأعضاء مجالس الإدارات، وهو ما يعني أننا أمام مبلغ قد يصل الى 70 مليون درهم من الأرباح التي تنزل برداً وسلاماً على مخابي حضرات السادة رؤساء وأعضاء مجالس الإدارات المعنية في هذه الجمعيات·· و اللهم لا حسد·
وفي الوقت الذي بلغت فيه مبيعات هذه الجمعيات خلال العام الماضي مليارين و 200 مليون درهم فإن مساهمة الجمعيات في خدمة المجتمع بلغت حوالى 15 مليون درهم يعني ثمن كيس شيبس، وحتى الآن لا نعرف ما هي المساهمات المجتمعية لهذه الجمعيات، ولم نطلع على عدد المدارس التي أنشأتها الجمعيات ولا عدد الفصول الخشبية التي أزالتها وبنت مكانها فصولاً أخرى تقي الطلبة المساكين لهيب الشمس وبرد الشتاء، ولا نعرف كم شاباً وظفت هذه الجمعيات التي لم يزد عدد المواطنين العاملين بها عن المئة، وأعتقد أن هذا العدد يشمل السادة أعضاء مجالس الإدارة والمديرين وبعض السائقين من كبار السن·
ملف الجمعيات التعاونية فتح على مصراعيه وتحذيرات وزارة الاقتصاد كانت واضحة وإذا لم تغير هذه الجمعيات نهجها خلال الفترة المقبلة فليس أمامنا سوى الدعاء في ليلة القدر المباركة بأن يهدي الله جموع المستهلكين الى بدائل أخرى تكون برداً وسلاماً عليهم ويكون السعر منخفضاً فيها حتى ولو بفلس واحد، وفي هذه الحالة سنرى هل ستظل الجمعيات الربحية هذه صامدة أم لا·