أول درس تعلمناه في مادة الخبر الصحفي كان مفاده ليس الخبر أن يعض كلب إنساناً، ولكن الخبر هو أن يعض إنسان كلباً، هذه القاعدة وإن كان لها مريدوها من عشاق الإثارة، ومعارضوها من الباحثين عن الموضوعية تظل واحدة من القواعد الصحفية الراسخة في تاريخ الصحافة على مستوى العالم وليس المستوى العربي فقط·
وقد تكون هذه القاعدة الصحفية متطابقة تماماً مع تلك الواقعة المزرية التي نشرتها الاتحاد منذ أيام والتي انبرى فيها طفل في الصف الأول الإعدادي ليقدم نموذجاً لما آلت إليه القيم التربوية في بعض مدارسنا، حيث رد الطالب على تنبيه أستاذه له بالتزام الهدوء في الفصل بـ فر أستاذه ومعلمه والذي قال فيه الشاعر: قم للمعلم وفه التبجيلا هذا المعلم الذي كاد أن يكون رسولاً كان نصيبه فره نعال في وجهه وسط ذهول الطلبة وضحكات بعضهم وحسرة المعلم وغيره من الغيورين على التربية والتعليم وعلى إعداد وتنشئة الأبناء·
فاليوم فر هذا الطفل أستاذه بالنعال وغداً قد يكون فر النعال من نصيب الأم أو الأب أو الجار، لا أحد يعرف الطلقة الطائشة القادمة لهذا النعال ستكون في أي اتجاه·
ولأن خبر فر النعال من قبل طالب في وجه أستاذه لم يعد أمراً غريباً فقد تعاملت وسائل الإعلام المحلية مع الأمر وكأن شيئاً لم يكن، فقد غضت الصحف الطرف عن المتابعة الخبرية للموضوع وتركت الجمل بما حمل حتى تلك اللجنة التي شكلتها وزارة التربية والتعليم للتحقيق في الموضوع لم تتحرك إلا بعد توجيهات من معالي وزير التربية والتعليم، وهنا نتساءل إذا كانت كل مشكلة في الميدان التربوي ستظل قابعة في مكاتب السادة وكلاء الوزارة ومديري المناطق التعليمية ونواب مديري المناطق ورؤساء الأقسام ومديري المدارس ولا تجد جهداً فعلياً ودراسة أسبابها، نتساءل هنا ما دور هؤلاء؟
وإذا كانت وزارة التربية والتعليم بجيشها الجرار من كل هؤلاء لا تحرك ساكناً في قضية كهذه فما جدوى هؤلاء الموجودين فوق مقاعدهم، وما جدوى المرتبات التي يحصلون عليها، وفي الوقت الذي رصد التحقيق مع الطالب الذي فر النعال وجود مشاكل وتصرفات سلوكية سابقة تنبئ بإمكانية حدوث ذلك من الطالب، وعلى الرغم من ذلك لم تتحرك إدارة الخدمة الاجتماعية من الوزارة الموقرة ولم يكلف أحد من هذه الإدارة نفسه عناء الذهاب الى مدرسة الطالب ودراسة أسباب ما حدث·
كما توجد إدارة أخرى اسمها الخدمة النفسية وتضم عدداً من الاخصائيين وهؤلاء لم يكلف أحدهم نفسه عناء بحث المشكلة على الطبيعة، وكذلك لم نسمع أن سعادة الموجه الأول للخدمة الاجتماعية كلف نفسه بالوقوف على ملابسات المشكلة، والأمر نفسه لم يحدث مع موجهي الإدارة المدرسية ولا غيرهم من الموجهين والموجهات ومديري الإدارات التي يزخر بها الهيكل الإداري في التربية·
مسكينة وزارة التربية والتعليم فهي تغرق في شبر ماء مع كل مشكلة صغيرة وتغوص حتى النخاع، ولا يجدي مع هذا الغرق إلا القول إن العدد في الليمون وعليه العوض·