ونحن نستقبل العشر الأواخر من الشهر الكريم، تطل علينا ذكرى يوم أليم، وقعه على القلب عسير ثقيل، يوم اسودت الدنيا في وجوهنا، وشعرنا باليتم الحقيقي، برحيل القائد والمؤسس المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان 'طيب الله ثراه' في مثل هذه الأيام من العام الماضي· في تلك الليلة الحزينة شل الخبر الفاجع تفكيرنا وعقولنا من وقع الصدمة بين مكذب ومصدق لرحيل رجل تحاورت بشأنه الأقدار، وقائد استثنائي صنع اسما أسطوريا يخلد في سفر التاريخ والأمجاد ،وبنى لنا وطنا نفاخر به اليوم بين الأمم· ولكن الموت حق، وذلك عزاء المؤمنين الصابرين الذين اذا أصابتهم مصيبة قالوا 'إنا لله وإنا اليه راجعون'·
والليلة قبل الماضية تدفق آلاف المواطنين والمقيمين بصورة عفوية على مسجد الشيخ زايد منذ ما قبل غروب الشمس وحتى انتصاف الليل، حيث ختموا القرآن على روحه الطاهرة، تعبيرا عن مكانة رجل لا يمكن أن يغادر عقولنا وقلوبنا، توسع وتبحر أصحاب الفضيلة العلماء ممن شهدوا المناسبة في ذكر مآثر ومناقب الراحل الكبير، ومهما ذكر اللسان وسطر القلم فلن نوفي زايد الخير بعضا مما قدم وشهد بها القاصي والداني وارتفعت الأكف تتضرع بالدعاء وتبتهل لخالق السماوات والأرض أن يتغمد فقيد الإمارات والأمتين العربية والإسلامية والإنسانية جمعاء بواسع رحمته، وأن يجعل ما قدمه للإنسان في كل مكان في ميزان حسناته، وأن يسكنه فسيح جناته في الفردوس الأعلى الى جوار النبيين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا· ونشكر الله أن خلف علينا من بعد زايد خليفة الخير وإخوانه لمواصلة المسيرة، لتظل الإمارات منارة للخير والعطاء ،والحمدلله رب العالمين·