يا ناس ارحموا عيالكم هذه هي الصرخة التي يطلقها معلمون ومعلمات من الذين لا يزال الواحد فيهم يحمل هم التعليم كرسالة إنهم يصرخون بملء الفم أولادكم أمانة فهل تحفظونها؟ أكثر من مرة دخلت فيها المعلمة الفصل الدراسي لتجد هذا الطالب الذي لا يتعدى عمره العاشرة يغط في نوم عميق، في كل مرة لا تعرف المعلمة ماذا تفعل سوى أن ترسل الطالب إلى الحمام يغسل وجهه ويعود لعله يطرد النوم الذي يحاصره في أثناء الحصة الدراسية، يرجع الطالب إلى الصف وسرعان ما يغط في نوم عميق ويمدد رأسه فوق الطاولة وينام المسكين إلى أن تنتهي الحصة الدراسية·
بعد يومين دخلت نفس المعلمة الصف لتجد نفس الطالب يغالب نومه كالعادة حاولت إيقاظه ولكن دون جدوى، ولم تجد أمامها إلا إرساله إلى الإخصائية الاجتماعية، عند الاخصائية الاجتماعية عشرات المشاكل التي تحل والتي تتحلل والتي لا تجد لها حلا فتدخل في غياهب النسيان، فتحت الاخصائية ملفاً لمتابعة الطالب سلوكياً، كالعادة جهزت اسئلتها على طريقة سين وجيم وأخذ الصبي يحكي والاخصائية تكتب وهي غير مصدقة عينيها، فالطالب يعيش مع أمه الأجنبية هو واخوانه الخمسة، وفي كل يوم تتزايد معدلات اتقان الصبي للغة العربية في الشارع والمدرسة ومن خلال اللعب مع الاصدقاء، ومع تزايد درجة اتقانه للعربية تزداد درجة بعده عن أمه التي تكاد تنطق كلمات عربية محدودة جداً وهو ما يفقده التواصل معها فعلاقته بها هي علاقة تكاد تكون في أضيق نطاق على ما ئدة الغداء، وأحياناً العشاء أما الافطار فالخادمة هي التي تجهزه له ولإخوانه·
قال الصبي للاخصائية الاجتماعية: دور أمي معنا محدود جداً فهي لا تعرف كيف تساعدنا في أداء الواجب المدرسي ولا تحكي لنا قصة من القصص، ولا تقرأ معنا مجلة أو صحيفة بل لا تستطيع قراءة آية واحدة من القرآن الكريم، تزوجها أبي من دولة آسيوية على زوجته الأولى وهي آسيوية أيضاً وصارت حياة أبي موزعة بين الزوجتين إلى أن طفر منهما فتركنا نحن أولاد الزوجة الثانية، وتركهم هم أولاد الزوجة الأولى، هم ثلاثة ونحن خمسة وجميعنا يعاني من نفس المشاكل·
أما المشاكل التي رصدتها الاخصائية فهي ضعف التحصيل الدراسي وتدني المستوى العلمي بصورة عامة وغيرها من المشاكل أما المشكلة التي استدعته عليها الاخصائية فهي مشاهدة الفضائيات الخليعة ومتابعة خطوط الاتصال المعروفة بخطوط الصداقة، وغدا نواصل·