الملتقى الرمضاني في دبي يستهل أعماله بقضايا وهموم الأمة

دبي - محمود الحضري:
وسط حشد جماهيري كبير وحضور رسمي جاء افتتاح الدورة الرابعة للملتقى الرمضاني الذي تنظمه دائرة السياحة والتسويق التجاري في دبي مساء أمس الأول برعاية الشيخ أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم وتحت عنوان 'يا باغي الخير أقبل ' مميزاً من حيث المضمون والموضوع · وقد افتتح الملتقى الذي يستمر خلال الفترة من 10 إلى 21 أكتوبر الحالي خالد أحمد بن سليم مدير عام دائرة السياحة والتسويق التجاري في منطقة الطوار والذي يقام تحت شعار 'يا باغي الخير أقبل'· حضر الافتتاح حمد الشيباني مدير عام دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الديني وعدد كبير من مديري الدائرة والمسؤولين بالدوائر الحكومية في دبي وممثلو الجهات الراعية ورجال الصحافة والإعلام ، كما حضر الافتتاح عدد ضخم من الجمهور تجاوز الخمسة آلاف شخص من الجنسين ·
بعد إسلامي :
وجاء المشهد الافتتاحي للملتقى حاملاً بعداً إسلامياً متحضراً يخاطب عقل المسلم في عصر الفضائيات والعولمة والسموات المفتوحة، ويرسم شيئاً من الخطى للتعامل مع مقتضيات العصر· ولم يتجاهل قضايا الأمة والاستعمار الجديد وأرواح الضحايا في العراق وافغانستان وبقاع أراضي المسلمين، وشهداء النضال الفلسطيني والأمة·· وقد لامس المشهد الافتتاحي للملتقى الرمضاني هموم الأمة وحالة التمزق التي تشهدها الأمة·
البداية كانت مع الشاعر السعودي الفصيح الدكتور عبدالرحمن بن صالح العشماوي والذي قدم أمسية شعرية من وحي الأحداث والثقافة الإسلامية وشهر رمضان وحال الأمة الراهن، وحالة الضياع التي تعيشها الأمة ولغتها العربية التي تاهت وسط خليط من اللغات· وخاطب شاعر الصحوة كما يسميه النقاد الأمهات والشباب من خلال قصة شعرية تروي قصة أم سفيان الثوري مع ولدها سفيان والذي أصبح بفضل أمه وجهادها عليه أن يكون ' إمام الحديث ' ، ويروي الشاعر قصة مغزل ام سفيان الثوري لتجمع الدنانير ليواصل سفيان تحصيل العلم ، وفي مشهد يحتوي في مضمونه اسقاطاً على عصر غابت فيه العلوم والعلم لصالح التفاهات· وقال لو عاد مغزل أم سفيان اليوم لقررت أن أهديه إلى الإمارات ومدينتها دبي على محاولاتها تنظيم مهرجانات ذات طابع إسلامي وعربي وشعري ·
وينشد الشاعر الدكتور عبدالرحمن العشماوي قصيدته 'تاج الشهور' حول شهر رمضان بين أكثر من خمسة آلاف شخص من الحضور، ليخاطب من خلالها حال المجتمع مناجياً رمضان وشاكياً له من سيطرة الغرب والعالم الغربي بصفة عامة على مقدرات العرب والمسلمين، ويتطرق لما اسماه ' فنون ابليس' التي تبثها القنوات الفضائية وطرب ليس بطرب وشعر ليس بشعر، وغناء ليس بغناء، وسيادة 'العري' على كل صورها· وخاطب الشاعر الحضور عن حالة الأمة شعراً حول تهويد القدس وعصر شارون وهرولة العرب والمسلمين للتطبيع مع الصهاينة ليصبح شارون وحاخاماته هم أسياد الموقف ·
ولا تغيب قضايا الأمة العصرية عن كلمات شاعر الصحوة الشعرية فيناجي تاج الشهور شاكياً من حصاد الأرواح في بلاد الرافدين وسط صمت مخيف ·
وفي قصيدته 'إلى أمي' يرثي الشاعر عبدالرحمن بن صالح العشماوي من خلالها أمه التي فقدها قبل بداية رمضان بقليل ويرثي من خلالها كل الامهات والاحباب، والتي غابت عن العيون عندما أراد ان يهنئها بقدوم الشهر الكريم·· بل يرى الشاعر في أمه ان هناك امة كاملة مفقودة وننتظر صحوتها من جديد ·
وحرص الشاعر على تقديم قصائده برابط تاريخي إسلامي واجتماعي والدوافع التي أوحت له بكلمات كل قصيدة، وقصيدة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب كانت مسك الختام في الامسية الشعرية، والتي يروي بأبياتها حرص حاكم الأمة في هذا الزمان على أموال وحال الأمة حتى لو مشى حافي القدمين على رمال وأحجار الصحراء في أقسى الأوقات وهي كالجمر من شدة قيظ الصيف وشمس الجزيرة العربية ليرعى بعيرين من بيت الزكاة ·
وعلى طريقته الخاصة قدم الشيخ سليمان الجبيلان محاضرة تحت 'روحوا القلب' مستعرضاً موقف الإسلام من الفن والتنكيت والترويج عن النفس، مشيراً إلى ان الإسلام نهى عن الإسفاف في النكتة، ولكن المزاح أمر مطلوب في حدود الشرع، وليس على طريقة 'الكاميرا الخفية' التي بها الكثير من المسائل غير الشرعية منها انتهاك حرمة ممتلكات الغير·
وقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان محباً للمزاح، وها هي قصة العجوز التي جاءت تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، هل سأدخل الجنة ؟ فرد عليها صلى الله عليه وسلم ان الجنة لا يدخلها عجوز، فغضبت وأبلغها الرسول صلى الله عليه وسلم ستدخلي الجنة صبية ·
وقال الشيخ سليمان الجبيلان إن النكتة التي لا تقع لا تقال، ويجب أن يكون للمزحة والنكتة هدف، كما أن الفن الهادف مطلوب والدعابة مطلوبة ولكن بشكل مقبول لا بطريقة تحمل إسفاف وإهانة للآخرين كما هو معتاد هذه الأيام ·
وأشار إلى ان اختيار الزمان والمكان للنكتة والمزاح من الأمور التي يجب الحرص عليها، ويبقى المبالغة في القضايا الدينية والإفراط والتطرق لقضايا وأمور مرفوضة، فالترويج في الشريعة له أصل مع مراعاة مبدأ لكل مقام مقال · وقال: إننا نفتقد كآباء وأمهات في عالمنا المعاصر الأدوات الشرعية للتعامل مع الأبناء ، ناسين أو متناسين سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي وجه اللوم لما جاء له صلى الله عليه وسلم، وقال إن لي عشرة أبناء لم أقبل واحداً منهم، فرد عليه الرسول صلى الله عليه وسلم نزعت من قلبك الرحمة · ويلتقي الجمهور في التاسعة والنصف من مساء اليوم (الأربعاء) مع الشيخ نبيل العوضي حيث يلقي محاضرة بعنوان (فليتنافس المتنافسون) يقام الملتقى في خيمة كبيرة بجوار مسجد الطوار مقابل الطوار سنتر وبها جزء مخصص للسيدات وتتسع لأكثر من خمسة آلاف شخص كما تم تخصيص خيمة أخرى للأطفال مجهزة بألعاب عديدة حتى يتسنى لذويهم متابعة الملتقى · ويشمل الملتقى أيضاً معرضاً للكتاب والأشرطة الدينية ·