الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

د· جمال الدين محمود: نجحوا في تفريغ رمضان من محتواه وفشلنا في استيعاب دروسه!

د· جمال الدين محمود: نجحوا في تفريغ رمضان من محتواه وفشلنا في استيعاب دروسه!
8 أكتوبر 2005
القاهرة - أحمد مراد:
عندما يهل شهر رمضان المعظم على الأمة الإسلامية يسعد به المسلمون ويستقبلونه مرحبين مهللين·· فهل تكفي السعادة والتهليل للترحيب بشهر الصوم والتعامل معه بقدر قيمته وفضله؟
شهر رمضان المبارك الذي أنزل الله تعالى فيه القرآن الكريم وفرض فيه الصوم إجلالا وتقديسا له فأكسبه بذلك خصوصية روحية·· فهل أدركنا مقاصده؟!
شهر رمضان المبارك الذي شهد انتصارات الأمة على أعدائها بداية من بدر الكبرى وانتهاء بنصر العاشر من رمضان مرورا بحطين وعين جالوت·· فهل لنا أن نعتبر؟!
جاء رمضان على أمل أن ننطلق به نحو العودة إلى كتاب الله وسنة رسوله حتى نسترد عافيتنا من جديد·· فهل نحن مستعدون؟!
جاء رمضان ليوقظنا من سباتنا ليحيى ضمائرنا وليفرج همومنا ويأخذ بيدنا فهل آن لنا ذلك؟
وبحثا عما في صدورنا من تساؤلات واستفسارات حول رمضان ومقاصده ومكانته وخصوصيته وانتصاراته كان هذا اللقاء مع الدكتور جمال الدين محمود عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ليجيب عن تساؤلاتنا وفيما يلي نص الحوار:
؟ في البداية: ماذا يقصد من شهر رمضان؟ وهل يقصد منه الصيام والعبادة فحسب؟
؟؟ ليس المقصود من رمضان الصيام والعبادة فقط، إذ أن الله تعالى عندما أنزل فيه القرآن الكريم، وفرض فيه الصيام قصد بذلك أن يكون شهرا لتطهير القلوب، وتصفية النفوس من شرور الدنيا وغرائز الشهوات، حتى يكون بذلك نقطة انطلاق لحياة المسلم، نحو إتقان العمل والإخلاص في العبادة وتدريب النفس على تحمل مشقات العمل، من أجل تحقيق حياة أفضل للمسلم، يحقق فيها خيريته، وإذا كان رمضان وسيلة لغاية سامية وهي الفوز بنعيم الآخرة، فإنه أيضا منهجا لطريق الفلاح والتقدم والرفاهية في الدنيا، بشرط أن نحقق غايته في ديننا ودنيانا، وهذا لن يتحقق إلا إذا أدركنا مقاصد رمضان الحقيقية
؟ انطلاقا من هذه المقاصد الحقيقية لشهر رمضان فما هو أهم ما يمثله بالنسبة للمسلمين؟
؟؟ شهر رمضان أول ما يمثل بالنسبة للمسلم، هو أنه شهر لفريضة إسلامية جليلة وهي الصيام، والتي لم يقصد بها منفعة العباد كأفراد فحسب، ولكن قصد بها منفعة العباد كأمم وشعوب وقبائل، من خلال ما يغرسه من مباديء وقيم أخلاقية واجتماعية بل واقتصادية رفيعة، فضلا عن أن شهر رمضان شهد الميلاد الحقيقي للأمة الإسلامية، وهذا ما يجب أن تعيه الأمة جيدا، فقد ولدت الأمة الإسلامية بنزول القرآن الكريم في شهر رمضان، والقرآن الكريم هو دستور الأمة الذي ينظم أمورها وشؤونها في شتى مجالاتها الحياتية، بداية من حياة الفرد وعباداته ومعاملاته، إلى سياسة الأمة كلها في كافة أوجه علاقاتها ومعاملاتها مع الأمم الأخرى، ومن ثم فإن شهر رمضان هو الشهر الذي تحددت فيه توجهات الأمة الإسلامية وسياساتها نحو ما يواجهها من أحداث ووقائع ومتغيرات وتحديات في كل عصر ومكان
خصوصية روحية
؟ نزول القرآن الكريم في شهر رمضان أكسبه خصوصية روحية فما هي ملامح وأبعاد هذه الخصوصية؟
؟؟ خصوصية شهر رمضان الروحية جاءت على الإطلاق، بمعنى أنها تشمل كل ما يرتقي به الإنسان الى أعلى مراتب الطاعة والولاء لله سبحانه وتعالى، وهذا ما يجعلها خصوصية إيمانية مقدسة، ونظرا لارتباط هذه الخصوصية بالقرآن الكريم اكتسبت ملامح وأبعاد الخلود والدوام، فخصوصية رمضان خالدة ودائمة بخلود ودوام القرآن الكريم
؟ وهل هذه الخصوصية ارتبطت برمضان -فقط- منذ نزول القرآن الكريم فيه أم أن خصوصيته هذه كانت سابقة على ظهور الإسلام؟
؟؟ شهر رمضان لم يكتسب هذه القيمة العظيمة، والخصوصية الروحية، وهذا الشرف الجليل إلا بعد نزول القرآن فيه، فقبل ظهور الإسلام لم يكن رمضان إلا شهرا عاديا كبقية شهور السنة الأخرى، ولكن بعد ظهور الإسلام ونزول القرآن فيه صار أعظم شهور السنة وأقربها إلى الله تعالى، وإلى قلوب المسلمين جميعا، ومن هنا صارت له هذه الخصوصية
؟ وماذا يقتضي منا هذا؟
؟؟ يقتضي ذلك أن ندرك جميعا واجباتنا نحو هذا الشهر الكريم، والعمل وفقا لهذه الواجبات
أخلاقيات رمضان
؟ وما هي واجباتنا تجاه شهر رمضان؟
؟؟ الاستعداد له، والعمل بأخلاقياته وفضائله، والاستعداد له يكون باستعادة قيم الخير والبر والتعاون والحق والعدل، التي سلبتها شرور وضغائن النفس الإنسانية أما العمل بأخلاقيات رمضان، إنما يكون بالتحلي بمكارم الأخلاق والعمل بها في سائر معاملات وعلاقات المسلم بأخيه المسلم وغير المسلم وهذا كله مرهون بشرط واحد، وهو أن يلتزم المسلم بهذه الأخلاقيات الحميدة وتلك السلوكيات العظيمة طوال حياته سواء كان ذلك قبل أو أثناء أو بعد رمضان
؟ في ظل ما يمر به العالم حولنا من مرحلة حرجة تتكالب فيها الشعوب والأمم علي أمتنا الإسلامية يأتي رمضان كجرعة نور وتقوية في بحر من الظلام والضعف تقبع فيه الأمة منذ عشرات السنين فهل يمكن أن يكون رمضان فرصة للخروج من هذا النفق المظلم الذي نحن فيه؟
؟؟ بداية أود أن أشير إلى أن ما تمر به الأمة الإسلامية حاليا إنما هو حالة مؤقتة ستزول -إن شاء الله- مع زوال السبب الذي يكمن في ابتعاد المسلمين عن توجيهات ومقاصد الإسلام، ومن ثم فإن أول خطوة للخروج من هذا النفق المظلم، هي أن تعود أمتنا إلى منهج الإسلام، وتعمل وفقا لمقاصده وأهدافه، وليس هناك مناسبة أفضل من رمضان ليكون نقطة انطلاقنا نحو العودة إلى منهج الإسلام، إذ أن رمضان بقيمه ومبادئه يدعونا لكي نجاهد الجهاد الحق، ولكي نعمل بكل قوة في كافة مجالات العمل والإنتاج والتنمية والعلم، وبهذا فقط نسترد قوتنا وإرادتنا، ونخرج من هذا النفق المظلم
؟ ولكن لماذا فشلنا في الإستفادة من رمضان على مدى السنوات العديدة الماضية للخروج من مرحلة الضعف والوهن التي تمر بها الأمة؟
؟؟ لأننا لم نتحد على هدف واحد، ولم ندرك مقاصد رمضان الحقيقية، وتخلينا عنه، فتخلى هو عنا، وإلى جانب ذلك فإن البعض نجح -بقصد أو بغير قصد- في تفريغ رمضان من محتواه ومقاصده وقيمه، حتى صار شيئا آخر غير الذي أراده الشارع، ومن هنا فشلنا على مدى العقود الماضية في أن نجعل من رمضان مخرجا لنا من هذه الحالة المرضية التي نمر بها الآن
؟ وما المطلوب منا حتى نجعل من رمضان منهجا لاستعادة مجد أمتنا من جديد؟
؟؟ شييء واحد، هو أن يحافظ كل مسلم -حاكما أو محكوما- على الشخصية التي اكتسبها طوال شهر رمضان على مدى حياته كلها، فهي الشخصية التي يكون بها مسلما حقيقيا قولا وفعلا، فإذا ما حافظ المسلمون على ما اكتسبوه من شهر رمضان من أخلاقيات التعاون وقيم التكافل وسلوكيات البر والرحمة والتقوى لاستعادوا مجد أمتهم من جديد
؟ في ظل النهضة الإعلامية الحديثة التي يشهدها عالمنا العربي والإسلامي تحول رمضان إلى موسم للدراما التليفزيونية والمنوعات الفنية كيف ترى ذلك؟
؟؟ في الحقيقة هذه المسألة أصبحت تمثل ظاهرة سلبية يقف وراءها أناس لا هدف لهم سوى التربح المادي الباهظ، وهذا ما جعلهم يستغلون اهتمام المسلمين بشهر رمضان في ترويج بضاعتهم باسم الفن، وهم بذلك يشغلون المسلم عن العبادة لتفرغه لمشاهدة ما يعرضونه من منوعات وأعمال فنية مختلفة، ومن هنا لابد من وقفة جادة للتصدي لهؤلاء حتى لا يخرجوا رمضان من مقاصده وأهدافه الحقيقية
الإحياء الحقيقي
؟ وكيف يكون الإحياء الحقيقي لشهر رمضان؟
؟؟ إخلاص العبادة لله تعالى بالصلاة والصوم وقراءة القرآن إلى جانب تبادل الزيارات، ووصل صلة الرحم بين المسلمين، وقد يكون أيضا بالمشاركة في أنشطة اجتماعية تعود على المجتمع بالخير والمنفعة، إذ أن التسلية في رمضان لابد أن تكون مكملة لعبادة الصيام والصلاة لا أن تناقضها·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©