من يتابع عددا من المسلسلات التاريخية التي تغمرنا بها فضائياتنا هذه الايام، وتتسابق في عرضها 'حصريا'، كما تزعم كل منها يلمس حجم الاسفاف والافتراء الذي يرتكب في هذه الاعمال التي تم حشد الامكانيات الكبيرة لإخراجها بهذه الصورة المبهرة في كل شيئ الا الحقيقة·
القائمون على تلك الاعمال لم يجدوا في امجاد العرب في الاندلس الا الخدور وحوار العيون وقرع الكؤوس وعزف القيان، لدرجة ان صغيري باغتني بسؤال عما يفعله هؤلاء' الفاتحين'؟ مقارنة بما قيل له في المدرسة، سؤال بريء يكشف الى اي حد نبني جيل التناقضات بايدينا لا بأيدي غيرنا ، ونغضب كثيرا من الاخرين ونتهمهم بتشويه تاريخنا، ونحن نقوم بابشع تشويه بحقه·
وقد استوقفتني دراسة حديثة لمركز البحوث والدراسات الشرطية التابع للقيادة العامة لشرطة ابوظبي حذرت فيه من مخاطر التأثيرات السلبية لمثل هذه البرامج والمسلسلات على الاطفال·
وجاء في الدراسة ان هذه الفضائيات لم تراع في برامجها الجانب الايماني للنشء، حيث يدور معظمها حول العنف والجريمة والجنس والاغراء واثارة الغرائز واعطاء الاطفال صورا خاطئة عن حياة البالغين· ومن يتابع هذه المسلسلات'الاندلسية الرمضانية' يلمس اصرار المؤلف والمخرج على اقحام مشاهد قرع الكوؤس والجواري الفاتنات في اصرار عجيب ، وكانهم يريدون اختزال تاريخنا في تلك البقعة التي وصل اليها العرب في خلخال كعب جارية· ولو كانت هذه الاعمال تهبط علينا من الفضائيات'الهابطة' اياها لما استغربنا الامر، ولكن يبدو ان محطات كنا نعتبرها رصينة قد فقدت رشدها وبوصلتها هي الاخرى، فآثرت مواكبة التاريخ المكتوب بالاكعاب، ومواصلة الابحار بنا في رحلة التيه، ولا حول ولا قوة الا بالله!!·