لم تمض دقائق على إعلان ثبوت رؤية هلال شهر رمضان المبارك، إلا وأغرق طوفان الحشود البشرية الجمعيات التي تسمي نفسها تعاونية، وكذلك المحال الكبرى لبيع السلع الاستهلاكية في سباق محموم لشراء كل ما تقع عليه العين، واكتظت عربات الشراء بالبضائع، وتكدس المشترون بعد ذلك أمام منافذ الدفع متبرمين من الطوابير الطويلة، ومتذمرين اكثر من الغلاء، غير مدركين أنهم أحد أكبر أسباب ارتفاع الأسعار جراء تهافتهم الجنوني على الشراء في مثل هذا الوقت من العام، وكأنه من لزوم استقبال الشهر الفضيل، الذي جعل منه البعض بسبب هوسه الشرائي هذا شهرا لتنفيع التجار ممن اعتبروا من ناحيتهم ممارستهم منسجمة مع نظريات العرض والطلب·
الفضائيات من ناحيتها استعدت جيدا للشهر الكريم وهي تحشد لنا كل هذا الكم من البرامج والمسلسلات، ولم تترك شخصية من تاريخنا القديم والحديث الا ونبشتها حتى اشهر سفاحتين عربيتين بعد ان 'هرأ' المسرح والسينما قصتهما، أبت الفضائيات الا ان تعيد اجترار تاريخهما' الحافل'، وكأنه مجد يستحق أن نفاخر به· أما الفنادق فلم تكذب خبرا، وقد كانت استعداداتها مبكرة جدا، وهي تنصب الخيم اياها وتعلن عن وصول هذا الفنان أو ذاك لإحياء رمضان الخيام وسط أدخنة أشهر وأجواد أنواع المعسل·
هكذا يريد البعض اختصار شهر رمضان الكريم ، نهاره نوم وكسل، وليله خيام وسهر، حيث تجد كل شىء إلا ما له علاقة او صلة بشهر رمضان· وهنيئا لمن ادار ظهره لهؤلاء الذين يريدون اختصار أكرم شهور الله، وحرص على حسن صيامه وقيام ليله، وتقبل الله منا ومنكم طاعاته، ومبارك عليكم الشهر·