ربما يكون المنتخب الغاني قد حقق إنجازا كبيرا بالتأهل لنهائيات كأس العالم 2006 بألمانيا للمرة الاولى في تاريخه ولكن ما يضاعف من حجم الانجاز أنه تحقق وسط تغييرات عديدة وحالة من عدم الاستقرار· ويملك المنتخب الغاني المعروف بلقب 'النجوم السوداء' تاريخا حافلا على المستوى الافريقي حيث أحرز من قبل لقب بطولة كأس الامم الافريقية أربع مرات وهو نفس العدد الذي أحرزه كل من منتخبي مصر والكاميرون لتشترك المنتخبات الثلاثة في الرقم القياسي لعدد مرات الفوز باللقب·
وعلى الرغم من ذلك لم يستطع المنتخب الغاني من قبل أن يحجز بطاقته إلى نهائيات كأس العالم على مستوى الكبار· واكتفت كرة القدم الغانية بالظهور في بطولات كأس العالم على مستوى الناشئين وكانت لها العديد من الصولات والجولات بل إنها أحرزت اللقب العالمي على مستوى الناشئين لتكون بادرة أمل في إمكانية وصول الفريق الاول إلى المستوى العالمي مثلما تأهلت من قبل منتخبات نيجيريا والكاميرون وجنوب أفريقيا وتونس ومصر والمغرب والسنغال·
ونجح النجوم السوداء أخيرا في تحيق المعجزة والتأهل للنهائيات لتكون غانا واحدة من 32 دولة ستتنافس في أكبر محفل كروي على مستوى العالم ينتظره عشاق الساحرة المستديرة كل أربعة أعوام· والطريف أن هذا النجاح تحقق دون أن يتمتع المنتخب الغاني بأي نوع من الاستقرار والاستمرارية ويكفي أن الفريق تناوب على تدريبه أربعة مدربين في 11 مباراة خاضها الفريق حتى الان في التصفيات الافريقية المؤهلة لنهائيات كأس العالم 2006 وكان أول المدربين الاربعة الذين أشرفوا على الفريق المدرب الالماني رالف زومديك الذي قاد الفريق في مباراتي الدور التمهيدي من التصفيات وتغلب فيهما النجوم السوداء على المنتخب الصومالي المتواضع 5/صفر
و2/صفر ليتأهل بسهولة إلى الدور الرئيسي (دور المجموعات)·
وقال زومديك 'لم أسلك الطريق الطبيعي لتدريب المنتخب الغاني فقد كنت مدربا لاحد الاندية في غانا وعرض علي المسؤولين تدريب المنتخب فوافقت'· ولكن قبل أن يبدأ المنتخب الغاني مسيرته في دور المجموعات ضمن المجموعة الثانية التي ضمت معه منتخبات الرأس الاخضر وبوركينا فاسو وجنوب أفريقيا والكونغو الديمقراطية ترك زومديك المهمة وسافر عائدا لالمانيا للعمل مدربا مساعدا لفريق هامبورج· ويشعر زومديك بالقناعة بالفترة التي قضاها مع المنتخب الغاني·
وقال 'كانت فترة مثيرة فقد عملت في تدريب المنتخب الاوليمبي الغاني في نفس الوقت الذي كنت أجهز فيه منتخبا للمشاركة في تصفيات كأس العالم ·'2006 وأضاف 'ولكن عندما حصلت على عقد لتدريب هامبورج قررت أن أقبله وقد كان لعائلتي أثر كبير في اتخاذي لهذا القرار'· وقال زومديك الذي كان حارسا للمرمى ولعب 282 مباراة في الدوري الالماني (بوندسليجا) إنه لم يعاني أي مشاكل خلال فترة العمل في غانا· وأوضح 'العمل في غانا يختلف عن العمل في أوروبا بالطبع'· وقال زومديك أنه أقام علاقات طيبة مع اثنين من أبرز اللاعبين السابقين في غانا وهما عبيدي بيليه وتوني يبواه وقد ساعده ذلك كثيرا لمكانتهما الكبيرة في غانا·
وعندما وافق زومديك على الانتقال للعمل في تدريب هامبورج تعاقد الاتحاد الغاني لكرة القدم مع المدرب البرتغالي ماريانو باريتو الذي استهل مسيرته مع الفريق بالهزيمة صفر/1 أمام منتخب بوركينا فاسو في أول مبارياته بالمجموعة الثانية· وبعد هذه الهزيمة ألقى باريتو باللوم على الاستعدادات المتواضعة للفريق قبل بدء التصفيات ووصفها بأنها مثيرة للضحك مشيرا إلى أن كل المنتخبات تحصل على بعض الوقت للاعداد وأن هذه الهزيمة تمثل درسا جيدا للفريق الغاني· واستعاد المنتخب الغاني بقيادة باريتو توازنه سريعا في التصفيات بالفوز المقنع الذي حققه الفريق في ثاني مبارياته بالمجموعة بالتغلب على منتخب جنوب أفريقيا 3/صفر ثم أتبع هذا الفوز بالتعادل 1/1 مع المنتخب الاوغندي في عقر داره·
واستعاد الفريق انتصاراته بالفوز على منتخب الرأس الاخضر 2/صفر في المباراة الرابعة له بالتصفيات ليصعد الفريق إلى قمة المجموعة ولكن بعد هذا الفوز بيوم واحد غادر باريتو غانا وذكرت الصحف أنه عاد إلى بلاده لتدريب فريق ماريتيمو أحد أندية الدرجة الاولى في البرتغال· ونفى باريتو هذه الشائعات مشيرا إلى أنه لم يترك غانا لتولي منصبه الجديد وإنما سبق وأن أبلغ المسؤولين قبل شهر بأنه سيترك الفريق· وانتقد باريتو الاتحاد الغاني لكرة القدم لعدم مساندتهم له عندما تعرض لانتقادات إعلامية مشيرا إلى أنه عانى كثيرا من الانتقادات ولم يجد من يسانده أمام هذه الانتقادات·
وبعد الرحيل المفاجئ لباريتو احتاج الاتحاد الغاني لكرة القدم أكثر من شهر لايجاد المدرب البديل قبل مباراة الفريق أمام منتخب الكونغو الديمقراطية ووقع الاختيار على المدرب الوطني سام أرداي الذي تولى المسئولية بشكل مؤقت علما بأنه سبق وأن قاد المنتخب الاوليمبي الغاني للفوز بالميدالية البرونزية في أوليمبياد برشلونة عام 1992 كما قاد المنتخب الغاني للناشئين (تحت 17 عاما) للفوز بلقب كأس العالم للناشئين عام 1995 ورغم تعادل الفريق سلبيا مع نظيره الكونغولي فقد المنتخب الغاني صدارة المجموعة وتركها لمنتخب جنوب أفريقيا الذي تغلب على المنتخب الاوغندي في نفس الجولة (الخامسة) من التصفيات· وتعاقد الاتحاد الغاني بعد ذلك مع المدرب الصربي راتومير ديوكوفيتش الذي تولى قبلها بعامين تدريب المنتخب الرواندي الذي تغلب على المنتخب الغاني 1/صفر في تصفيات كأس الامم الافريقية ليحرم الفريق الغاني من التأهل للنهائيات عام 2004 بتونس· وصرح كواسي نيانتيكاي نائب رئيس الاتحاد الغاني للعبة للصحفيين بأنه على يقين من أن الاتحاد تعاقد مع الرجل المناسب ليقود الفريق إلى النهائيات في ألمانيا·
وأضاف 'إنه مدرب لديه خبرة عظيمة وليس لدينا أي شك في قدرته على قيادة الفريق للتأهل إلى نهائيات كأس العالم 2006 ووضع الاساس لمستقبل باهر'· وكانت المباراة الاولى للمنتخب الغاني بقيادة المدرب الصربي مع المنتخب الكونغولي حيث تقدم المنتخب الغاني بهدف سجله جيان أسامواه بعد نسف ساعة من المباراة ولكن شعباني نوندا تعادل للمنتخب الكونغولي بهدف في الشوط الثاني· ونجح المنتخب الجنوب أفريقي في توسيع الفارق على الصدارة إلى ثلاث نقاط أمام المنتخب الغاني اثر فوزه على أوغندا في مباراة ثانية بنفس الجولة· ولكن المنتخب الغاني نجح في الحفاظ على البقاء ضمن دائرة المنافسة بالفوز في الجولة التالية على منتخب بوركينا فاسو قبل المواجهة مع المنتخب الجنوب أفريقي والتي كانت مباراة 'حياة أو موت' حيث كان منتخب جنوب أفريقيا في حاجة إلى التعادل فقط على ملعبه ليحتفظ بالفارق الذي يفصله أمام المنتخب الغاني الذي عاني من ضغوط شديدة قبل هذه المباراة· وفي مباراة سيطر عليها الطابع الخططي نجح المنتخب الغاني في التغلب على مضيفه منتخب جنوب أفريقيا 2/صفر ليصعد إلى صدارة المجموعة وتتزايد فرصته في التأهل لنهائيات كأس العالم 2006 بألمانيا· وبعد هزيمة جنوب أفريقيا في المباراة التالية أمام بوركينا فاسو وفوز غانا على أوغندا في نفس الجولة ضمن الفريق الغاني التأهل للنهائيات بألمانيا·
وبعد نجاح ديوكوفيتش (59 عاما) في الوصول بالمنتخب الغاني إلى النهائيات يكون قد حقق الهدف الذي وضعه لنفسه في عالم التدريب وهو الوصول لكأس العالم· وقال ديوكوفيتش
'إنني سعيد للغاية بحصولي على هذا المنصب والوصول بالفريق لنهائيات كأس العالم' مشيرا إلى أنه شارك مع زومديك وباريتو وأرداي في هذا الانجاز حيث ساهم كل منهم بدوره في إعداد وتأهل الفريق للنهائيات ليحقق أحلام الملايين من مشجعي النجوم السوداء·
عدد اليوم
