لدي صديق حين يصبح ويفتح هاتفه النقال في حوالي الساعة العاشرة صباحاً، يستعيذ بالله خوفاً من المختبئ، وحين تمضي ساعة ولا يتلقى جديداً، يسير يومه بيسر وأمان، بالأمس اتصل بي ثائراً ثم خفت صوته وضحك بهستيريا وأتبعها بزفرة، وحين استفسرت منه عن القصة قال: هي قصة بسيطة ولا قيمة لها، فقلت ما دامت هي كذلك ولا ترزا لما كل هذا الغضب والحنق، قال: تعرف أحياناً المسائل الصغيرة والتي تشعر فيها أنك مظلوم، يركبك الجن وتبقى عالقة غصتها في الحلق، اليوم وحين فتحت هاتفي كالمعتاد وفي العاشرة، وجدت أن الشرطة أرسلت لي أربع رسائل هاتفية، فاستعذت بالله وفتحت الأولى، فوجدتها تبلغني بمخالفة مرورية ارتكبتها في يوم 22/09/2005 فقلت يا ساتر أربع مخالفات على هالصبح، لكنني استرحت حين فتحت الرسائل الأخرى فوجدتها متكررة، فهونت الأمر عليّ، ورحت أستفسر عن المخالفة بالإنترنت أولاً ثم بالاتصال الهاتفي، فعرفت أن سيارتي تخالفت في تمام الساعة الرابعة وسبع وثلاثين دقيقة عصر يوم الخميس، بسبب عدم ربط الحزام، ولأنني من سكان مدينة العين، والخميس والجمعة دائماً إجازة سعيدة، والمخالفة واقعة في أبوظبي، وعلى سيارتي الخاصة الثانية، وأنا تعرفني بعد ظهر الأربعاء عيناوي، أستقل سيارة العائلة اللاندكروزر وأظل أتضارب معها طوال طريق أبوظبي - العين، لأنها هي الوحيدة التي تتسع لنا جميعاً، فوقعت في حيرة، كيف أخالف في أبوظبي وأنا متواجد في العين وسيارتي رابضة في الكراج المغلق، وحين سألتهم كيف خالفتموني وكيف عرفتم أنني لا أربط الحزام، قالوا لي: لنا طرقنا الخاصة في ذلك، فقلت لهم، لكنني كنت في العين وسيارتي واقفة في الكراج ومفتاحها عندي، ولم يستعملها أحد، فردوا عليّ: تعتقد أننا نتبلى عليك أو نكذب، قلت: العفو ولكنني أيضاً لا أكذب وأعتقد أنني مواطن صالح ولا أحب أن أخالف، وأحترم إرشادات المرور، ولكنني لا ألتزم بربط الحزام في المدينة دائماً، أعترف بذلك، ثم إنني أحلف أنني كنت في العين وقت وقوع المخالفة في أبوظبي، فردوا: ما كد حلف كافود فقلت لهم: في تلك الساعة كنت أجالس والدتي وخالتي بعد صلاة العصر، هل تريدانهما أن تكونا شاهدتين لتصدقوا؟ قالوا: لا نريد شهوداً، ادفع المخالفة واحرص على ربط الحزام مرة ثانية، فقلت لهم: ليست المسألة مسألة مخالفة وفلوس، المسألة مسألة مبدأ وحق، وأقول إنكم على خطأ لأنها الحقيقة كما أعرفها، ولن تصدقوني بالتأكيد، فلديكم أوراقكم وطريقتكم في تدوين المخالفات، ولكنني أسجل موقفاً أنني كنت خارج أبوظبي وسيارتي المخالفة كانت في كراج العمل ولم يستعملها أحد والحارس يعرف ذلك، فردوا: أحين ما صدقناك أنت، بنصدق الحارس·
وانتهى الحوار وقبلت صاغراً دفع المخالفة، لكن الشعور بالغبن ما زال حاصلاً، وقلت في نفسي، المسألة لا تساوي كل هذا الغضب والعصبية وهذا الحوار الذي يرفع الضغط، ولا تساوي أن تعرف الحرمة بالذي حدث، فهي ستقف في صف الشرطة طبعاً وما بتصدق تلاقي سبباً حتى تظهر لي بقصص أنا في غنى عنها وربما جعلتني مجرماً في حقها وحق أولادها وأنني ألعب بطريقتي من وراء ظهرها، فآثرت السلامة ودفع الغرامة ولا الندامة وبهدلة الكرامة··