كيف تتعامل مع امرأة مخالفة، وجاهلة، لا تعرف منك إلا بنيانك الأسمنتي، ولا تعرف إلا أنك فحل عصره، وفريد مصره، وأن أي تأخير هناك مؤامرة عليها كأنثى وامرأة لزوج مشكوك في استقامته، وإن غضبت من أولادها، فهناك أولاد ضرة جديدة، وان لم تذكر أمها بالخير خلال اليومين الماضيين، فهناك حماة وعمة على أمها، وان لم تستطع أن تسافر معها هذا الصيف، فلديك خطة سفر شتوية، ستصطحب معك الزوجة الجديدة، وستتركها مع الأولاد ومدارسهم، وإن ثبتّ على محطة ال·بي·سي· قلبت على محطة بي·بي·سي· وإن صغيت إلى نانسي عجرم حاولت أن تحسن من صوتها والتغني بأغان شعبية تعبانة، وإن امتلأت أجندتك بالشغل والمواعيد، فبالتأكيد أن معظمها مواعيد غرامية وشغل بطّال، وإن عملت الشركة لقاء مع بعض الشركاء والمتعاملين في بيروت، فستقول أش معنى بيروت! قطر أقرب، وإن شكوت من ألم ووجع، أرجعته إلى رقصك و هياتك مع نسوان غيرها، وإن أثقلت الأكل وبدأت تهذي في الأحلام الليلية، فذلك العقل الباطن يتحدث غير عامل حسابها ولا قيمتها، وإن جثا عليك ياثوم فهذا من تعب النفس الذي تعاني منه نتيجة عدم صدقك الداخلي، وإن صبغت بعض شعيراتك الشائبة، منها ومن نكدها، قالت هذا تزيّن للأخريات اللاتي أصغر منها، وإن الثوب الجديد والعطر الجديد لهن ولغيرها، وإن أعجبت بأداء نيكول كيدمان في فيلمها الجديد، فستحاول أن تشتري مثل شنطتها وجزمتها وتختار مثل ملابسها وتحاول أن تصيغها على قدّ جسدها غير القابل إلا للتمدد والتشحم·
ولو لصقت بثوبك شعرة شقراء طويلة فأنت بالـتأكيد كنت مع روسية، وإن كان هناك رقم جديد في هاتفك، فهو لامرأة، غير مدركة الفرق بين رقم بدالة ورقم مطعم يوصل الأكل إلى المنازل مجاناً، وإن جئت تعباً مرهقاً، تنشد حماماً منزلياً، فكل دوائر الشك ستصبها حولك، وإن شرد ذهنك للحظة، للتفكر والتدبر في مصاريف البيت، فكل ما ستعرفه أنك تخطط لأشياء خارج البيت، وإن قلت سأذهب إلى باريس مثلاً مع بعض الأصدقاء، فستنزل رجاءاتها وتوسلاتها بأن تذهب معها إلى العمرة، لأنها حلمت بأبيها المتوفى قبل عشرين سنة، ولو شجعت فريقاً غير نادي العين، رغم أنه ليس طرفاً في مباراة اليوم بين أندية دبي، فستتذكر روحاتك إلى دبي الأخيرة، وستضع في طريقك امرأة من هناك، ولو لان قلبك وتبرعت إلى رعاية يتيم عن طريق الهلال الأحمر، فهذا اليتيم الذي تدعي، هو ابنك الذي خلفته بعيداً عن معرفتها، ولو قلت لها إنك ستذهب إلى المارينا مول لمشاهدة فيلم جديد، فستصر أن تذهب معك وتدخل الفيلم وتظل تسألك الأسئلة الساذجة، وتخرج من الفيلم غير فاهمة، ولا جعلتك تستمتع خلال الساعتين، وان تضايقت على ما يحدث في إعصار كاترينا فستقول لك: منوه لك هناك، وإن حاولت أن تسكن في بيت أصغر وأرخص إيجاراً ويناسب ميزانيتك ووضعك بعد الزيادات، فستقول لك: بلاك تكره البيت الذي سكنا فيه منذ سنين وفيه ذكرياتنا الأولى، وإن سعلت ليلاً وكحيت فجراً، فستقول لك هذا من الجور وعثرة النهار التي تتعب نفسك فيها، وإن لم تشك من شيء، فستتوجع هي وتنزل أمراض الدنيا فيها، وأنها تعبانه منك ومن أولادك وأعمالك··