في عصر التقنيات المتطورة والاكتشافات العلمية المتلاحقة تلهث الدول المتقدمة والدول التي تريد أن تؤسس لها مكاناً تحت الشمس وتحجز مقعداً متقدماً للحفاظ على مستواها التعليمي ·
وقد ادركت دولة الإمارات العربية المتحدة منذ أكثر من أربعة عقود أهمية هذه المعادلة ونتائجها ووفرت الميزانيات الكبيرة لتوفير التعليم من المهد إلى اللحد ونجحت الدولة على مدى العقود الأربعة الماضية في تخريج أجيال متعلمة وواعية، ومخرجات جامعة الإمارات وكليات التقنية وجامعة زايد بالإضافة إلى الجامعات الأهلية الخاصة تتحدث عن نفسها في كافة قطاعات العمل في الدولة، ولكن النقلات الكبيرة التي شهدها العالم خصوصاً خلال العقد الماضي فرضت تحديات جديدة على الكثير من الدول التي تعوِّل كثيراً على الاستثمار في التعليم، فما حدث في العقد الماضي (10 سنوات) من نقلات تقنية ورقمية· يعادل بالضبط ما شهده العالم في (100) سنة والعجلة لم تتوقف وتدور بسرعة البرق، وقد أدركت دولة الإمارات هذا التحدي، وقرار انشاء مجلس للتعليم في أبوظبي يتولى تطوير التعليم وتحسين مخرجاته بما يواكب المتطلبات المحلية والتطورات العالمية، يؤكد أن الدولة ما زالت حريصة على تسليح الاجيال بالادوات التي تناسب المتطلبات الراهنة، وقد شهدنا نقلات في التعليم سواء التعليم العام الإعداد أو التعليم العالي ولكن ما زالت هذه النقلات تحتاج إلى نقلة نوعية تحدث تحولاً في مسيرة التعليم في الإمارات وهذه المهمة الأولى لمجلس تطوير التعليم في أبوظبي، ولكن لابد أن نعلم أن تكاليف التعليم سواء بالنسبة للمراحل الثلاث الابتدائي والإعدادي والثانوي أو التعليم العالي قفزت إلى أرقام فلكية وتكلفة التعليم اليوم لا تقارن بما كان عليه قبل عقدين أو ثلاثة ويكفي أن نشير هنا إلى أن التكلفة المتوقعة للتعليم في دول التعاون خلال السنوات القليلة المقبلة 2010- 2015 وحسب دراسات دولية متخصصة ستصل إلى أكثر من 55 مليار دولار أي (202,4 مليار درهم) وهذا المبلغ يعادل ثلث ميزانيات دول التعاون مجتمعة، فالاستثمار في التعليم أصبح باهظ الثمن، والدولة لم تقصر في هذا المجال بل تتطلع إلى تحقيق نقلات نوعية للحفاظ على المنجزات التي حققتها واستثمارها وتحقيق منجزات جديدة تضعها في مكانة متقدمة على الساحة الدولية علمياً واقتصادياً واجتماعياً، وهذه الرؤية الواعية تحتاج إلى ما يقابلها بنفس الجهد والحماس من القطاعين الأهلي والخاص لكي تحدث الشراكة الفعلية لتحقيق النقلة النوعية التي تتطلع الدولة لاحداثها في التعليم، فالتعليم هو الأساس وقاعدة الانطلاق والاستثمار فيه مكلف وطويل الأجل ولكن فوائده لا تقدر بثمن وهي الكفيلة بتحقيق المزيد من الانجازات والمنجزات للوطن والمواطن، أما إذا بقي القطاع الخاص متمسكاً بموقعه السلبي، فما لنا الا أن نقول عليه العوض في هذا القطاع·· والمسيرة تتواصل ان شاء الله ولكن وفقاً لمعايير جديدة·