الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الربو يستوطن الخليج

الربو يستوطن الخليج
6 سبتمبر 2005

حوار- موزة خميس:
يعتقد الكثير من الناس أن 'الربو' مرض ينتج عن حساسية من الغبار أو الرطوبة أو التدخين أو غيرها من العوامل البيئية، ويستدلون على ذلك بارتفاع نسب الإصابة بهذا المرض في دول الخليج لا سيما بين الأطفال·
الاعتقاد بحد ذاته صحيح، لأن لهذا المرض علاقة وطيدة بالبيئة والجو والمحيط الذي يعيش فيه الفرد، لكن هذا الكلام لا يعدو أن يكون نصف الحقيقة إن شئنا الدقة، أما الحقيقة الكاملة التي تخص أسباب هذا المرض، ومضاعفاته، وكيفية الوقاية منه، وعلاجه فيطلعنا عليها الدكتور محمد حجازي، الحاصل على بكالوريوس طب وجراحة جامعة عين شمس وماجستير طب الأطفال بجامعة القاهرة، في هذا الحوار:
يقول حجازي: 'الأزما'··· وتنطق بنفس الطريقة باللغة الإنجليزية، هي المصطلح المرادف لمرض الربو الشعبي، وهو عبارة عن التهاب بالمجاري التنفسية يتسبب في تورم الأغشية المخاطية المبطنة لها وزيادة إفراز المادة المخاطية وزيادة تحسس هذه المجاري مع انقباض العضلات المحيطة بها، ونتيجة لكل ذلك تضيق المجاري الهوائية وتحدث النوبات التي يصاحبها كحة وصفير في الصدر، وتكون الأزمة متفاوتة من مصاب لآخر وكذلك النوبات'·
نسبة عالية
ويضيف: 'الربو من الأمراض المنتشرة في دولة الإمارات وباقي دول الخليج العربي، ويصاب به البالغون والأطفال لكن النسبة بين الأطفال تعتبر عالية· والربو من الأمراض العضوية ويصيب الجهاز التنفسي، بيد أن له علاقة وطيدة بالعوامل البيئية والعادات الاجتماعية والصحية المتأصلة في المجتمع، مما يؤدي إلى انتشاره على نحو واسع، ولهذا لا بد من بذل الجهود للقضاء عليه'·
أعراض المرض
وعن أعراض المرض يقول: 'يبدأ المرض عادة بسعال يشتد أثناء النوم وعند بذل مجهود عضلي، ويأخذ وقتا ليس بالقصير حتى تخف حدته· وفي أحيان كثيرة لا يتم تشخيص الحالة بصورة صحيحة، ويعطى المريض علاجا للسعال أو دواء للالتهاب، وحينها قد يستمر السعال، يشفى المريض منه مؤقتاً ليعاود الظهور مره أخرى· وتتكرر مرات حدوثه حتى يتحول إلى حساسية حادة يرافقها ضيق بالصدر، مما يتطلب علاجا سريعا ومكثفا· أما في حال استمرار المرض على هذه الحالة لفترة طويلة بدون تشخيص صحيح، فإن الحالة تتحول من حساسية في القصبات الهوائية إلى ربو شعبي مما يؤثر على حياة المريض، حيث تحصل مضاعفات أخرى منها: تغيرات في القصبات الهوائية وفي النسيج الرئوي يؤدي إلى ضيق في القصبات الهوائية، وزيادة إفرازات الأغشية المخاطية المبطنة للقصبات، وتهتك والتهابات مزمنة في تلك القصبات والنسيج الرئوي، مما يؤثر على وظيفة الرئة وعلى قدرة المريض على التنفس الطبيعي وكذلك على ممارسة حياته العادية، وبالطبع ينعكس هذا على باقي أجهزة الجسم الأخرى فيتأثر أداء المريض وقدرته على ممارسة وظيفته في الحياة· فالطالب على سبيل المثال، يتأثر تحصيله العلمي، والموظف تتأثر قدرته على القيام بالمهمات المكلف بها، وكذلك المرأة في البيت التي قد تعجز عن القيام بواجباتها المنزلية على النحو الصحيح، وبذلك ينعكس المرض سلبا على الحياة الاجتماعية والاقتصادية والنفسية، وهذا ما نعنيه بقولنا إن هذا المرض عضوي واجتماعي واقتصادي ونفسي'·
الوراثة وأشياء أخرى
وعند سؤاله عن العوامل والأسباب التي تؤدي للمرض، قال: 'لا شك أن للوراثة دورا في الإصابة بهذا المرض، وقد ثبت أن الأطفال المولودين لأبوين مصابين بهذا المرض أكثر بكثير من الأطفال المولودين لأبوين سليمين، وبنسبة أقل إذا كان أحد الأبوين مريضا والآخر سليما، ثم تأتي بعد ذلك العوامل البيئية، فالتعرض للعوامل التي تؤثر على العوامل الحساسة في دم المريض تزيد من حالات الإصابة، وشدة المرض واحتمال المضاعفات غير الصحية له· ومن هذه العوامل التعرض للدخان إما مباشرة عن طريق التدخين أو غير مباشرة وذلك بالجلوس بجوار المدخنين، أو التعرض للبخور وهذا منتشر بشكل واسع في الإمارات، أو للمبيدات الحشرية او للغبار المنتشر في الجو الخارجي أو داخل البيت، أو للعطور القوية· إلى ذلك، هناك اللعب على السجاد الذي يحتوي على حشرة القراد، بالإضافة للروائح النفاثة في المطبخ أو الالتحاف بأغطية صوفية واللعب بالألعاب الوبرية ولمس الحيوانات المنزلية كالقطط والكلاب، واقتناء الطيور والدواجن والجلوس بجوارها، ناهيك عن تناول المشروبات المثلجة وتناول 'الآيس كريم'، وكل تلك الأمور للأسف متوفرة في معظم البيوت وتركها أو الابتعاد عنها يحتاج جهداً ليس باليسير· وهناك علاقة وثيقة بين الأزما والطعام، ويرى محمد حجازي بهذا الخصوص أن الطعام يختلف من مريض إلى آخر، فالطعام الذي يؤثر على هذا المريض ربما لا يؤثر على مريض آخر· وهذا يتطلب من المريض والأهل التعرف على أنواع الأطعمة التي تؤثر على صحة المريض كي لا يتناولها·
··· وللمهنة دور
ويشير حجازي إلى أن البحوث العلمية أثبتت أن بعض المهن التي يمارسها المرء يمكن أن تؤثر على العامل المؤثر الذي يصيب بالمرض، أو على عدم الشفاء منه نهائيا، كمهنة التدريس التي يتعرض من خلالها المدرسون والطلبة للطباشير، وعمال المطابع الذين يتعرضون لروائح المواد الداخلة في الطباعة كالأحبار، وكذلك عمال البناء الذين يتعرضون للروائح الناتجة من الأسمنت، وعمال الصيانة الذين يتعرضون لروائح الأصباغ، وعمال محطات البترول الذين يتنشقون روائح البنزين أو البترول·
هناك أيضا النساء العاملات في النظافة واللاتي يتعرضن لروائح المواد الكيميائية المطهرة والمحافظة، وعمال المزارع الذين يعيشون بين الزهور وروائح المبيدات الحشرية والسماد، كما يتحسس بعض الأطفال الذين يلعبون بين الزهور وحبوب اللقاح المتطايرة من الزهور، وهكذا نجد أن المرض تتسع دائرته ليشمل مجالات واسعة في الحياة· وقد أثبتت البحوث الطبية والعلمية أن الحالة النفسية لها دور في إظهار المرض واشتداد الحالة المرضية عند المصابين، فالأزمات النفسية الشديدة والتوترات العصبية والقلق وعدم التوازن العاطفي لها دور في المرض·
الأطفال في مقدمة المصابين
وطلبنا من الدكتور محمد حجازي أن يحدثنا قليلا عن المرض عند الأطفال وخصوصا أن الربو شائع بينهم في الإمارات، فقال:
عادة ما يتعرض الأطفال المصابون بحساسية في الجلد أو الأنف أو العيون للإصابة بحساسية في الصدر بنسبة عالية، مقارنة مع الأطفال الذين لا يشكون من أي حساسية خارج الجهاز التنفسي، ولذلك فإن الأطفال الذين يصابون بأكزيما في الجلد منذ الولادة لابد أن يلقوا اهتماما بالغا من الوالدين، كي لا يتعرضوا للعوامل المسببة للحساسية التي ذكرناها، وكي لا يصابوا بحساسية في الصدر·
فئة قليلة من الأطفال لديها حساسية لبعض أنواع الحليب أو بعض مكونات الحليب، مما يؤدي إلى إصابتها بحساسية الجلد والجهاز المعوي ثم بعد ذلك الجهاز التنفسي، وربما يؤدي ذلك إلى الربو· وهذه النقطة مهمة ويجب أن يلاحظها الأهل وكذلك طبيب العائلة، ويكفي تغيير الحليب ليتم الشفاء نهائيا من المرض، وهناك أيضا بعض الأطفال الذين يعانون من ترجيع الحليب والطعام من المعدة إلى المريء وهي أيضا حالة يمكن أن تكون موجودة لدى البالغين، ويؤدي هذا إلى سعال شديد وأعراض تشبه إلى درجة كبيرة حالات الحساسية والربو في الصدر·
العلاج
لا بد عند العلاج من الاهتمام بالعوامل المؤثرة على ظهور المرض واشتداده، نظراً لأن هناك علاقة بين مرض الربو والعوامل البيئية والاجتماعية، كما أشرت سابقاً، ومن هنا يجب عدم التعرض للدخان والعطور والمبيدات الحشرية والغبار، وعدم الجلوس واللعب على السجاد، والتخلي عن استعمال أغطية صوفية، وترك تناول السوائل والمأكولات المثلجة والابتعاد عن تناول المأكولات التي يتحسس منها المريض، وذلك مهم جدا في علاج المرض والوقاية منه·
أما العلاج الطبي فإنه يتم على عدة مراحل، حيث يبدأ بعلاج الأعراض بموسعات القصبات الهوائية، واستعمال طاردات البلغم في حالات البلغم الشديد، أو المضادات الحيوية في حالات الالتهابات البكتيرية، ويستمر العلاج حتى تنتهي الأعراض وتتحسن حالة المريض، ثم يبدأ بعد ذلك العلاج الطويل المدى لعلاج الحساسية المسببة لهذه الأعراض، وهي إما على شكل شراب أو أقراص أو عن طريق أجهزة البخار التي تستعمل فيها أدوية خاصة لكل حالة على حدة، وفي حالة استمرار المرض تجرى للمريض اختبارات حساسية لتحديد مسببات الحساسية، ويتم تحضير دواء خاص لكل حالة يتم إعطاؤه للمريض على مدى عدة سنوات·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©