جرائم المشعوذين والدجالين الذين يوهمون بعض السذج والجشعين بمضاعفة الأموال ليست وليدة اليوم، وهي جرائم تكاد تكون مستمرة منذ أكثر من عشر سنوات، مشعوذون ملابسهم رثة وينتمون الى مجتمعات افريقية غارقة في الفقر والجهل والمرض، وعلى الرغم من ذلك تشد اليهم الرحال قوافل من هؤلاء الذين لايزالون يعيشون في كوكب آخر·
شباب ونساء ورجال أعمال ليس بينهم أمي واحد كلهم يقرأون ويكتبون، ومعظمهم من حملة الشهادات وذوي أرصدة مالية محترمة وعلى الرغم من ذلك يسلمون عقولهم فارغة لنفر من هؤلاء الفقارى الذين هدّ الفقر أبدانهم النحيلة وأتى المرض عليها ولم يجدوا وسيلة للانعتاق من مثلث الفقر والجهل والمرض سوى فيزا زيارة واقامة في فندق من فنادق السكيك، وعلى طريقة عشانا عليك يارب يدبر كل منهم شؤونه بالكاد إن لم يكن قد مد يده وسرق لتأمين متطلبات هذه الإقامة الفندقية·
أدوات طباعة البنكنوت لديه بسيطة وهي بقدرة قادر أحبار ودخون وماء أزرق أو أحمر وضوء خافت وجشع يتصور ان السماء تمطر ذهباً وفضة، وبالطبع فإن هذه الأدوات ليست في حاجة الى جهد لتدبيرها إذ بإمكان أي شخص تأمينها ولكن ما يجعل الأمر مختلفا هي تلك البركة التي تتسلل من بين أنامل هذا الافريقي الى أوراق البنكنوت فتبعث فيها النماء والازدهار وتضاعف منها في غمضة عين·
ولأن الدجل ملة واحدة فإن تربة البنكنوت يجب ان تكون مزروعة بالأميركاني الأخضر إذ لا تحل بركة مولانا إلا على الدولارات، ومن هنا فإنه من النادر أن نجد واحداً من هؤلاء النصابين استخدم الدرهم في عملياته، لأنه بعد أن يخدع ضحاياه من الجشعين لن يجد مكانا خارج الدولة يصرف فيه الدرهم وبالتالي يصبح الدجل بالدولار هو السائد·
وبصراحة شديدة فإنني أتمنى أن يأتي اليوم الذي تلقى فيه الشرطة القبض على زبائن هؤلاء الدجالين من الجشعين والجشعات الذين يصرون على ان النقود كائن حي ينمو ويزدهر ويتكاثر ويلد، ويا خسارة الشهادات التي تزين جدران بيوت هؤلاء·
ولا نعرف هل سأل أحد الزبائن من الجشعين نفسه سؤالاً واحداً وهو اذا كان هذا الدجال التعيس لديه من الخبرة والبركة ما يضاعف الأموال ويزيد من معدلاتها لماذا لم يضاعف من هذه الأموال ليكافح بها اخطبوط الفقر الذي يقضي مضجعه ليل نهار، ولماذا عجزت بركة هؤلاء عن طرد الفقر والجهل والمرض من مجتمعاتهم التي مازالت غارقة في الظلام·
أعتقد ان الجرم الذي يرتكبه الدجالون من مشعوذي مضاعفة الأمراض أهون مليون مرة من جرم الجشع الذي يزدهر في قلوب زبائنهم من الباحثين عن مال حرام، والحالمين بسماء تمطر ذهباً وفضة ولو على يدي دجال لا يساوي فلساً واحداً، وعليه العوض وغداً نواصل·