هذه العبارة باتت بلا معنى، وعلى الرغم من أنها أكثر الكلمات شيوعاً، في حياتنا الآن إلا أنها عبارة باهتة لا تدل على شيء في الواقع أو ميدان العمل، خطط وبرامج كثيرة تضعها مؤسسات وهيئات كثيرة تتصدرها تلك العبارة ويرسم معها المستهدفون آمالاً عريضة ثم تنتهي إلى لا شيء·
عبارة فريق العمل هي مصطلح أجنبي مترجم نقلا عن كلمتي تيم ورك وهي في الأساس ذات دلالات رياضية تعني إنكار الذات وعدم البحث عن المجد الشخصي في الأداء· والبعد عن الأنانية، وتقديم المصلحة الجماعية على الطموحات الفردية، رموز كثيرة تدل عليها عبارة، فريق العمل وهي عبارة لها دلالات ناجحة في الهيئات والمؤسسات العالمية المرموقة·
ولأننا نستورد في عالمنا العربي كل شيء فقد استوردنا هذا المصطلح أيضاً أخذنا شكل المصطلح دون جوهره، ولذلك لم ينم هذا المصطلح عربياً، فعلى الصعيد السياسي كم من تجارب عربية فشلت على الرغم من أنها رفعت شعار فريق العمل، وروح الفريق والهدف الواحد، والمصير المشترك، والعمل العربي المشترك·
أعتقد أن العيب ليس في هذا المصطلح الذي يترعرع ويزدهر يومياً في مؤسسات عالمية غربية وشرقية إلا في محيطنا العربي حيث تسود كلمة أنا في الحديث وتتضخم هذه الأنا في مواقع كثيرة لدرجة تجعل من شعارات فريق العمل مجرد دخان في الهواء، فهي شعارات جوفاء ما لم تجد أرضية جاهزة لاستقبالها·
ومن مفارقات ثقافة الأنا التي باتت أحد ملامح الشخصية العربية أنها خرجت من النطاق السياسي إلى رجل الشارع العام، ولذلك صارت لدينا هذه النماذج المريضة التي تنظر إلى جهود الآخرين والعطاء الجماعي على أنه إبداعها فهذه مديرة إدارة تضم أكثر من 113 شخصاً ترى أن من سبقوها إلى المنصب كانوا عدماً وأنها هي التي نهضت بالإدارة وتحملت هذا العبء على كاهلها، وتلك مديرة مدرسة لا يخلو حديث لها من كلمة مدرستي رغم أنها مدرسة حكومية وحضرتها تتقاضى راتبا من الحكومة وليس من خزينة السيد الوالد·
وهذا وكيل وزارة مساعد يقول بملء الفم قطاعي وموظفي وفي هذا القطاع تختفي فلسفة فريق العمل، فالموظف التعيس الذي لا يعرف مكان مكتبه في هذا القطاع لا أحد يستطيع تحريكه من مكانه، والموظفة الكسولة لا أحد يعاقبها مادام سعادته اختصر القطاع الحكومي في جيبه وتصرف على طريقة أنا ربكم الأعلى·
مأساة بعض الذين يتحدثون عن فريق العمل أنهم أول من يضرب بهذا المصطلح عرض الحائط، وعليه العوض·