في الوقت الذي تزدهر فيه بعض المدارس في القطاع الخاص يتراجع مستوى التعليم في المدارس الحكومية، وفي الوقت الذي يستقبل فيه الميدان التربوي عشرات المباني الجديدة للمدارس الخاصة التي أصبحت الدجاجة التي تبيض ذهبا نجد أن المدارس الحكومية لاتزال على حالها وبعض مدارسنا الحكومية درس فيها الاب والابن وسيدرس فيها الحفيد أيضا إن لم يكن درس بالفعل·
لدينا مدارس حكومية لانصدق أنها في بلادنا ·· نعم مدارس آخر شىء يمكن أن تحمله من الاسماء والمسميات هو كلمة مدرسة، لامباني دراسية تجذب الطالب ولا أنشطة ولامختبرات ولامرافق تعليمية مناسبة، مساحات شاسعة في بعض المدارس وكأنها في وسط الصحراء حتى لاتوجد في مدارسنا الحكومية مجرد بقعة خضراء ونحن بلد الزهور والبساط الاخضر والبيئة الجميلة·
في المدرسة الحكومية الفصول الدراسية كئيبة من حيث العمارة والديكور فهي أشبه بعنابر المستشفيات في القرن الماضي، والسبورة كالحة والطاولات أكل عليها الدهر وشرب وهي تشبه الكتل الاسمنتية من الصعب تحريكها وإذا اصطدم بها طالب قصمت ظهره أو كسرت ساقه، الزجاج مكسور ومن خارج الزجاج قضبان حديدية تنافس قضبان السجون العتيقة، وعندما تسأل مديري ومديرات المدارس يقولون مايخصنا اسأل الاشغال وعندما تسمع الاشغال يقولون بناء المدارس يتم وفق أحدث الاساليب العلمية والتعليمية وحسب المعايير العالمية·
وتبحث عن الاساليب العالمية في البناء والعمارة والديكور فلاتجد شيئا سوى الاسوار العالية والبوابات الحديدية السوداء التي تشبه حصون الباستيل في فرنسا، ولاتجد سوى الاقفال والمفاتيح التي أكلها الصدأ، في مدارسنا الحكومية مدارس لافرق بينها وبين غرف العزاب في الصناعية، الستائر عبارة عن بقايا خرق بالية وورق من القص واللصق الذي يعين هذه الستائر على صد وهج الشمس، ومن لايصدق ذلك عليه أن يذهب الى مدرسة من هذه المدارس ليكتشف العجب·
الشىء الزين الوحيد في عمارة وهندسة وديكور المدارس الحكومية هو في غرف ومكاتب أصحاب السعادة من المديرين والمديرات وخاصة بعض المديرات التي تتحول في مفاهيمهن المدرسة الحكومية الى بيت حضرتها، نوافير للمياه ونوافير أخرى تتراقص فيها المياه على ايقاع موسيقى مبرمجة الكترونيا وأحواض أسماك للزينة وزروع ونباتات من التي تنمو في بلاد الاسكيمو وتحتاج الى كوندشن يهد حيل محطة كهرباء عودة بسبب تشغيله على مدار الساعة·
مكتب مديرة مدرسة تكلف 400 ألف درهم ولما سئلت هذه المديرة عن جمال المكتب وهو في الحقيقة ليس مكتبا بل مجمعا للمكاتب يضم أجنحة مستقلة للسكرتاريا والوكيلات ومساعدات المديرة وسعادة الست المديرة، لما سئلت لم تتبرم سعادتها من السؤال وقالت: كلفت المكتب من مالي الخاص وبالتعاون مع بعض الشركات والهيئات المجتمعية، على بعد أمتار من مكتب وأجنحة سعادتها تقبع فصول دراسية وكأنها وسط العرقوب، والله حال هذه الفصول يرثى له، فالاضاءة تعيسة والشبابيك مكسرة والطاولات تشبه طاولات مطعم استراحة الباصات العامة الذي يديره كوتي منذ 20 عاما، وغدا نواصل·