أسواق المخدرات في الوطن العربي مزدهرة تماماً خصوصاً في دول الخليج حيث ترتفع معدلات الاستهلاك بصورة تدعو للقلق، وعلى الرغم من ارتفاع هذه المعدلات إلا أن البعض لايزال يتعامل مع المخدرات باعتبارها قضية موسمية نتذكرها فقط في معرض أو مرسم حر لأطفال المدارس يكون شعاره لا للمخدرات·
في الصيف تتواصل عروض السفر ويحزم كثير من الشباب حقائبه إلى جهات غير معلومة وهناك تكون السقطة الأولى، وتتلقفهم أياد كثيرة تارة بالمخدرات وتارة بالجنس، ويسقط البعض في براثن هؤلاء بصورة أو بأخرى، وبدون وعي أو بدافع التجريب وحب الاستطلاع يجرب أحدهم سيجارة أو شمة هيروين وتكون الخطوة الأولى في عالم الهلاك·
شباب في عمر الزهور يشدون الرحال إلى مختلف أنحاء العالم بعضهم يقضي إجازته بين المزارات السياحية والأثرية، والبعض الآخر يعيش وهم المخدرات، وكم من حالات ظلت طي الكتمان بعيداً عن الأسر إلى أن سقطت ورقة التوت وانكشف المستور فهذا أصبح مدمناً وتلك سقطت في هاوية تدخين الحشيش·
بعض الأسر تتعامل مع سفر الشباب - خصوصاً صغار السن منهم وهؤلاء الذين تكون الرحلة سفرتهم الأولى - بعدم اكتراث، فلا أحد يسأل إلى أين ولا أحد يستفسر مع من ستكون السفرة، وما هي أخلاقهم، وهل هؤلاء من أولاد الناس، وهل، وهل·· آباء وأمهات لا يدركون خطر ترك الحبل على الغارب، وبعضهم عندما تحدثه يفاجئك برده ما عليه ·· خله يتعلم السفر وبالطبع لم يكن الابن مدفوعاً في رحلته إلى تعلم السفر بل هناك وهم آخر زينه رفقاء السوء ومضى الابن يركض خلفهم·
طرق وأساليب كثيرة يقع من خلالها بعض الشباب في براثن المخدرات ويمضي هؤلاء وقتاً طويلاً عبيداً لهذه الآفة الفتاكة قبل أن تظهر عليهم علامات الادمان، وبعضهم يتململ من الالتزام بالدوام ويرى جنته في البيت راقداً في سريره حتى المغرب، ومع هؤلاء يصبح الليل نهاراً والنهار ليلاً، والبعض الآخر يهجر بيته وأولاده وتصبح جنته في ركن صغير مظلم يتعاطى فيه المخدرات، وثالث تظهر عليه علامات الخيبة سريعاً إذ لا يسعفه دفتر الشيكات ولا بطاقة الائتمان في تلبية الاحتياجات المتزايدة للكيف، ويصبح مد اليد هو الوسيلة الوحيدة لتأمين احتياجاته·
قصص كثيرة لا تزال حبيسة جدران السجن لم يقصها أحد ولم يطلع عليها آخرون، في حين مضت قصص أخرى إلى العالم الآخر مع أصحابها الذين قادتهم المخدرات إلى المحشرة ما بين مدمن ومريض، وهي الأخرى لن يطلع عليها أحد، وفي حالة الغموض هذه التي تحيط بقصص عبيد المخدرات يظل الوهم ممتداً وتظل أمواجه تتلقف الباحثين عن متعة بائدة ويستمر الحال هكذا إلى أن تسقط ورقة التوت اياها·
إذا سألت أحد المعنيين بمكافحة المخدرات فالجواب المعتاد لا الأمور أحسن بكثير من السابق فجرائم التهريب قليلة وحالات التعاطي تكاد تكون محدودة وإذا أتيحت لك الفرصة للغوص في قاع مجتمع الوهم تسمع العجب من قصص التهريب والاتجار والتعاطي، وغداً نواصل·