تحول رئيس وموظفو بلدية الكرك في الاردن إلى عمال نظافة يمسحون شوارع المدينة لتنظيفها بدلاً من عمال النظافة الأصليين، وقد جاء هذا التحول لا بسبب إضراب للعمال أو أثر فشل 'خصخصة' هذا القطاع، وإنما في اطار حملة وطنية تبنتها البلدية لمحاربة ما سمته بثقافة' العيب' بهدف تعزيز النظرة الإيجابية لمهنة عامل التنظيف وغيرها من المهن التي يترفع عنها الشباب ليس في الاردن وحدها بل في العديد من البلدان العربية، وبلداننا الخليجية على وجه التحديد· وبعض هذه الاقطار ترتفع نسبة البطالة فيها جراء انتشار ثقافة' العيب' والنظرة الدونية او الاستعلائية لهذه المهنة او تلك من دون مبرر·
ونتذكر جميعا كيف نزل الشباب الكويتي خلال الايام الحالكة السواد اثناء فترة الاحتلال العراقي لبلادهم ، وأداروا مرافق الخدمات الاساسية بأنفسهم بعد فرار العمال الاجانب تلك ايام-لا أعادها الله- ولكنها كشفت عن معدن الرجال · في البحرين هناك شباب بحرينيون في مهن بسيطة آثروا مزاولتها بدلاً من الاستسلام لشبح البطالة، وكذلك في سلطنة عمان· فالعمل الشريف النافع للانسان ومجتمعه لم يكن في يوم من الايام عيباً إلا في عصور ثقافة المظاهر الكاذبة التي تفشت بيننا، وتابعت باعجاب قصة الشاب المواطن ابراهيم الذي يعمل مراقبا في موقف لسيارات بلدية دبي والذي يؤدي عمله تحت لهيب الشمس يوجه اصحاب السيارات للمواقف بابتسامة رضى وثقة بالنفس· وكذلك قصة ذلك الشاب المواطن الذي يعمل ميكانيكياً للسيارات في ورشته، حكايات تروي إصرار أصحابها على النجاح وفي الوقت ذاته هدم جدار ثقافة العيب التي تعمي ابصار الذين اختاروا البقاء عالة على الاخرين، وقديما قالوا' ما العيب إلا العيب '·