الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

اللاجئون واليهود السودانيون في إسرائيل يبكون قرنق

5 أغسطس 2005

أحمد إبراهيم :
تتواصل ردود الفعل على الساحة الإسرائيلية بعد مقتل نائب رئيس الجمهورية السوداني جون قرنق أخيراً ، حيث أعلن العشرات من اليهود سواء من ذوي الأصول السودانية أو من اللاجئين السودانيين في إسرائيل عن حزنهم الشديد على موته، زاعمين أن العالم فقد أحد أبرز زعمائه ممن كان يمثل لهم شعاع ضوء ينبعث من وطنهم الأصلي والذي كانوا يستنيرون به، موضحين أن هذه الحادثة ستدخل السودان في مفترق طرق وأزمة معقدة من الصعب حلها بسهولة·
اللافت أنه ومنذ اللحظة الأولى للإعلان عن وفاة قرنق، هناك العديد من الدراسات والتقارير الإسرائيلية التي تنشر عن السودان والتوقعات المستقبلية التي تنتظره بعد هذه الحادثة ، ومن أشهر هذه التقارير ما وضعه القسم السوداني في المعهد العام لشؤون اللاجئين الأجانب في إسرائيل، والذي أصدر تقريراً مطولاً في الثاني من شهر أغسطس بعنوان 'السودان بعد قرنق·· تحديات وخلافات مشتعلة' وهو التقرير التي وضعه البروفيسور شاؤول ملكا أستاذ العلوم السياسية في جامعة تل أبيب المفتوحة والذي ينحدر من أصول سودانية·
أبناء قرنق
بداية يؤكد ملكا أن قرنق يعتبر من أهم الزعماء العرب الذين استطاعوا أن يبرزوا على الساحة العربية خاصة وأنه كان أول زعيم لأقلية استطاعت أن تنال ما يشبه سلطة الحكم الذاتي وتستطيع الانتصار على الحكومة الموجودة في السلطة وتجبرها على التحالف معها·
وأشار إلى أن هذا النجاح السياسي بل والعسكري الذي استطاع أن يحققه قرنق ساهم في اكتسابه لشعبية كبيرة في إسرائيل ليس فقط بين اليهود من ذوي الأصول السودانية أو من اللاجئين السودانيين في تل أبيب بل بين العديد من الساسة وأبناء الأقلية العربية الذين رأوا فيه تجسيدا لنجاح تغلب الأقلية على الأغلبية، بجانب العشرات من اللاجئين من أعضاء جيش جنوب لبنان العميل ممن يعيشون في إسرائيل الآن والذين تضامنوا مع هؤلاء السودانيين من محبي قرنق في حزنهم عليه بل وأعلنوا حالة الحداد بينهم لمدة ثلاثة أيام عقب هذه الحادثة·
المثير أن هذا الإعجاب بقرنق ساهم في تكوين 18 جماعة من محبيه في كل أنحاء إسرائيل، وهي الجماعات التي كان يدعمها في الأساس اللاجئون السودانيون في إسرائيل والذين يحصلون على دعم مباشر من ارييل شارون رئيس الحكومة الإسرائيلية·
المعروف وحسبما أشار المعهد العام للدراسات الإحصائية في إسرائيل في بيان إحصائي له نشره في شهر يونيو الماضي أن هناك قرابة ألفي سوداني موجودون في إسرائيل ويقيمون بها هرباً من الأوضاع الاقتصادية والصراعات المتفجرة في بلادهم، ولقد أنشأ هؤلاء السودانيون العديد من الجمعيات والمراكز الخاصة بهم في إسرائيل، وهي التجمعات التي تحصل على دعم حكومة إسرائيل بصورة دورية·
ومن بين هذه التجمعات جمعيات خاصة تحمل اسم نائب الرئيس الراحل جون قرنق مثل 'أبناء قرنق الجنوبيين' أو 'معك يا قرنق' أو 'قرنق الحر'، وتعرف هذه الجمعيات في الأوساط الإسرائيلية باسم جمعيات محبي قرنق·
الرايات السوداء
وتنتشر هذه الجمعيات في العديد من المدن الإسرائيلية مثل حيفا أو تل أبيب أو بئر السبع ، ويحرص أعضاء هذه الجمعيات على التواصل مع الجبهة الشعبية لتحرير السودان وعدد من القبائل السودانية الجنوبية، وذلك اما عبر البريد الإلكتروني جةءح- أو عبر التواصل الشخصي في المؤتمرات أو الاجتماعات الدولية التي كانت تعقد سواء في أوروبا أو أمريكا ويحضرها أعضاء هذه الجمعيات·
وقامت هذه الجمعيات فور الإعلان عن موت قرنق بنشر الرايات السوداء حداداً عليه في المقار التابعة لها معلنة أنها لن تتراجع عن المطالبة بالتحقيق في مقتل قرنق ، وهو التحقيق الذي ناشدت هذه الجمعيات سواء عبر البيانات التي نشرتها عبر مواقعها في الانترنت أو وسائل الإعلام الإسرائيلية كافة المؤسسات والمنظمات الدولية بإجرائه·
وطالبت هذه الجمعيات بتشكيل لجنة تحقيق دولية من أجل هذا الغرض، وهي اللجنة التي طالبوا بأن تكون على شاكلة هيئة التحقيق الدولية التي شكلت عقب اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري ، وأعلنوا عن دعمهم لهذه اللجنة حال إنشائها خاصة مع إعلان كمبالا عن تشكيلها قريباً من عدد من كبار المسؤولين الدوليين·
ويوضح التقرير أن هناك العديد من الأسباب التي تجعل حادثة اغتيال قرنق مريبة بداية من أن الطائرة التي كان يستقلها تحاط عادة بمراقبة دقيقة من قبل الأجهزة الأمنية السودانية وهو ما يجعل غيابها فجأة من على شاشات الرادار يحاط بالتساؤلات·
بالإضافة إلى أن الطائرة سقطت في إحدى المناطق التي ما زالت تسيطر عليها القبائل الجنوبية المعارضة في السودان ، والمقصود بالمعارضة هنا معارضة هذه القبائل لاتفاقية السلام التي أبرمها قرنق مع الخرطوم حيث تزعم هذه القوى المعارضة أن هذه الاتفاقية هشة ولن تحفظ الاستقرار للسودان بل وتغاضت عن العديد من الحقوق التي كان الجنوبيون يحلمون بها·
بجانب مطالبة هذه القوى بضرورة حل جيش جنوب السودان الموالي لقرنق وتشكيل جيش جديد من القوات التابعة إليهم مع مراعاة الالتزام بقواعد الكثافة السكانية في هذه المناطق عند تشكيل هذا الجيش وهو ما يجعل الشكوك والتساؤلات تحيط بهذه الحادثة·
ويوضح جون إسحاق وهو أحد اللاجئين السودانيين في إسرائيل ورئيس جماعة الغد المحبة لقرنق والتي تقع في تل أبيب أن هناك العديد من الدلائل التي تثبت أن وفاة قرنق تعتبر وفاة غير طبيعية بداية من حالة العصيان التي أعلنتها العديد من القوى السودانية لاتفاقية السلام التي وقع عليها مع الخرطوم ثم معارضته لجيش الرب الأوغندي ، وإصداره للعديد من القرارات التي من شأنها أن تمنع أعضاء هذا الجيش من الدخول والتواصل مع القوى السودانية الجنوبية كما كان في الماضي ، حتى أن بيتر مالوي وهو أحد أبرز القادة العسكريين في هذا الجيش أعلن صراحة أن الجيش وقياداته مصابة بحالة من الإحباط منذ تولي قرنق لمنصبه كنائب للرئيس مشيراً إلى أن قرنق تناسى أفضال هذا الجيش عليه، وهي الافضال الكثيرة التي تتعدد منذ اندلاع الحرب الأهلية في السودان عام 1983 حتى انتهاء هذه الحرب، وأوضح مالوي أن مصير قرنق سيتأثر سلبياً بالتأكيد مع هذه القرارات·
وتتصاعد حدة أزمة هذا الجيش مع وجود العشرات من المؤيدين له في الجنوب السوداني، وهم المؤيدون الذين أعلنوا عن غضبهم من القرارات التي أصدرها قرنق والتي وصفوها بالمعادية لهم زاعمين أنه سيدفع ثمنها في النهاية·
قرنق في ميدان رابين
وكشف التقرير الذي وضعه مالكا أن أعضاء هذه الجمعيات وبالتعاون مع عدد من أعضاء الحكومة الإسرائيلية الحالية بل والعديد من المواطنين الإسرائيليين ينوون وفي نهاية الشهر الجاري بناء نصب تذكاري لقرنق في ميدان رابين في تل أبيب والذي يعتبر أحد أهم الميادين في إسرائيل والمقام فيه عدد من النصب التذكارية لكبار القادة والزعماء سواء كانوا إسرائيليين مثل تيودورد هرتزل ودافيد بن جوريون وإسحاق لافون أو عالميين مثل عالم الفيزياء آينشتاين أو عالم النفس سيجمون فرويد أو نوبل أو شارل ديجول·
ويهتم الإسرائيليون بوضع نصب تذكارية في ميدان رابين لكافة العلماء أو الساسة ممن أثروا بنظرياتهم العلمية أو السياسية في إسرائيل أو العالم وهو ما دفعهم للتفكير في وضع نصب لقرنق·
ولم يتوقف الأمرعند هذا الحد بل أعلنت جماعة أبناء السودان الأبرار في أرض إسرائيل من خلال موقعها عبر الإنترنت أنها تنوي التحرك دولياً لمنع أي اعتداء تقوم به القوات الحكومية السودانية ضد أبناء الجنوب السوداني خاصة في ظل المواجهات الدموية التي يشهدها السودان منذ الإعلان عن رحيل قرنق حتى الآن·
وبالتالي يعكس هذا التقرير بالإضافة إلى التحركات التي تقوم بها العـــــديد من القـــــوى الأخـــــرى في تــــل أبيب الاهتمـــــام الإســـــرائيلي بالســودان وبالزعيم الراحل جون قرنق ، وهو الاهتمام الذي يبدو أنه بات حديث الساعة في إسرائيل خاصة في ظل التطـــــورات المتواصلة به ، الأمـــــر الــــذي يعكس قــــوة هذا الاهتمام ومحــــاولة رصد ما يجري به من تطورات·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©