عود على بدء·· للمسميات التي تطلق على المناطق أو الشوارع أو حتى المدارس في عاصمتنا، فقد لفت انتباهي لافتة على الكورنيش مكتوب عليها الحديقة الرسمية ولا أعرف هل هي تسمية للحديقة أم صفة لها أم هو اسم مؤقت حتى تظهر الحديقة للعيان، والأمر ينطبق على مسميات المدارس التي معظمها لشخصيات في الصدر الأول للإسلام، وكنت أسمع عن لجنة تابعة لمنطقة العين التعليمية، مهتمة باختيار أسماء لشخصيات محلية مؤثرة وتاريخية وحتى من المعلمين الأوائل من المطاوعة والكتاتيب، ليطلقوها على المدارس الجديدة أو لتغيير بعض الأسماء القديمة، ولا أعرف إلى أين وصلت اليوم·
في كثير من الأحيان الآخرون هم الذين يجبرونك على اختيار شيء لا تحبه أو على أقل تقدير لا تتحمس له، فلو فكرت في شراء سيارة بيضاء، فسيخرج لك ألف صديق وزميل ينصحونك بشراء سيارة زرقاء، لأن السيارة البيضاء في نظرهم مثل (الثلاجة) وهم لا يحبون لصديقهم وزميلهم أن يركب ثلاجة، ليس ناقص إلا أن يخزّن فيها الدجاج المثلج واللحوم الاسترالية المجمدة، وإن قلت: سأشتري سيارة حمراء، فألف آخر من الأصدقاء ومعهم الزوجة سيقولون: عيب عليك وأنت في هذا العمر تقتني سيارة أصغر منك، وحين تؤكد لهم أنها سيارة وليست زوجة، يقولون لك: ماذا تركت للشباب الذين في عمر أصغر أولادك أن يشتروا، يظلون هكذا حتى تغدو السيارة الحمراء الشابة في نظرك مثل عجوز حيزبون فتفر من الجهات الضاغطة عليك بعد أن تشوش الذهن وخفّت الرغبة، وتذهب على غير هدى وتختار سيارة رصاصية، وأول ما يشاهدونها سيصرخون: ما لقيت إلا هذا اللون، يا أخي السيارة البيضاء أجمل·
هناك أناس يطلق عليهم أصحاب القرارات المؤجلة يظلون يؤجلون في قراراتهم حتى يملوا ويتركوها، فالسمين منهم يظل يؤجل قرار الريجيم من يوم إلى يوم وأن السبت هو أول يوم في الريجيم، أو أول الشهر سأتبع برنامج حمية غذائية، تمر الأيام وهو يصارع قراره المؤجل حتى ينتفخ أكثر من الأول، والمدخن يظل يؤجل قرار الامتناع عن التدخين من يوم إلى يوم حتى تنتفخ رئتاه بالنيكوتين ويقول: والله لن أبطل التدخين وهكذا·· أصحاب القرارات المؤجلة كثيرون وهم بيننا أو نحن في وسطهم ومنهم·
كان هناك شخص عربي قال يوماً لأهله وأخوانه وأفراد عشيرته وقبيلته: إن الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك، لم يصدقه الناس وظل السيف جراراً على الرقاب ولا أحد يتعظ ولا شخص يتفكر والناس الآخرون هربوا بزمنهم ووقتهم وطوروا أنفسهم، وحولوا براريهم إلى سهول خضراء ومدنهم إلى جنات عدن· بقيت تلك البقعة التي تسكنها القبيلة العربية التي لم تتعظ ولم تتفكر في مسألة الوقت حتى سرقهم الوقت، وظلوا يترحمون على قول صاحبهم وهوان قطع السيف·