لو حاولنا أن نقارن بين الشرطي في العالم الغربي والشرطي في عالمنا العربي، فستبدو المقارنة ليست في صالح الشرطي العربي، رغم أنه يرفع شعاره الدائم تمام·· يا أفندم، كله تمام، وكله تحت السيطرة، وليست هناك مشاكل، والأمن مستتب، وقبضنا على كل الخونة ومن تسول له نفسه قلب نظام الحكم، حاصرنا الإرهاب وهو تحت أعيننا، ضبطنا تحركات الإرهابيين وتم تحديد أوكارهم·
مثل تلك العبارات لن تجدها إلا في قاموس الشرطة العربية، فلينعم إذاً الشعب العربي براحة البال، فالشرطة في خدمته، وهم أساس الملك، وهم مطمئنون حتى الآن على المواطنين وعلى سير العدل والمساواة بينهم وفيهم·
في المقابل·· الشرطي في الغرب، قلما تراه ولكن في الضرورة هو موجود ولا يربك سير المواطن، ولا يقف عند إشارات المرور، ولا يوسع لمواكب السيارات المخفية والتي لا تعرف من فيها، يعرف مهمته التي يتقنها باحتراف والتي من أجل المواطن لا عليه، فهو يمكن في لحظة أن يتحول إلى مسعف أو منقذ أو رجل إطفاء محترف·
في الغرب الشرطي يؤدي لك التحية ولو كنت مخالفاً من الدرجة الأولى، ويرتل عليك حقوقك، مع احتفاظك بحق عدم الكلام إلا بحضور محاميك، وفي عالمنا العربي، الشرطي يقف خلف المواطن المرتعب وأول ردة فعله، أن يوجه صفعة على قفا المواطن، ناهراً: رد على البيه·· يا آد··
في عالمنا العربي لم نسمع أن شرطياً قال للمواطن كلمة آسف أو أبدى اعتذاراً عما بدر منه بحق المواطن الغلبان·
في إنجلترا بقي الشرطي غير مسلح إلا في درجات رفع حالة الطوارئ، في حين الشرطي العربي مسدسه تكاد فوهته موجهة إلى صدر المواطن الأعزل·
الشرطي في الغرب صديق للأطفال، وشخصية محببة إليهم، في حين في عالمنا العربي يخوفون به الأطفال إن حاولوا الخروج للعب بعيداً عن البيت·
سيارات الشرطة في الغرب صديقة للبيئة ولا تثير الفزع، في عالمنا العربي سيارات الشرطة نادراً ما ترجع خالية دون أن تسحب معها مواطنين ليبيتوا في السجن·
في الغرب مباني الشرطة عادية جداً، وهي جزء من الطراز العمراني للمدن عندهم، وعند العرب مقار الشرطة مثل السجون ومحاطة بقضبان حديدية، وكلاب تنبح حولها·
الشرطة في الغرب تتعامل مع الحوادث الكبيرة بروح من التأني والحذر، وبياناتهم الإعلامية تظهر عقلانية الطرح، بعيد عن الانفعال، وتعترف بفشلها في القبض على الفاعلين، بروح وطنية صادقة، وفي عالمنا العربي تكون التفجيرات ما تزال تفرقع، وبيانات الشرطة في وسائل الإعلام تقول غير ما هو في الشارع، وأن مدبري الانفجارات وقعوا في قبضة الشرطة التي كانت لهم بالمرصاد، أما الاعتراف الصادق فغير موجود وهروب الجناة غير وارد، وان قبضوا على أحد المشتبهين، فهو من الجناة قبل أن يقول القضاء رأيه أو يتم تحقيق قانوني بشأنه·
في الغرب المواطن بريء حتى تثبت إدانته وعند العرب المواطن مشتبه به حتى يثبت براءته·