السياحة الخليجية·· سياحة ينفرد بها أهل الخليج دون غيرهم، أصبحت ملاصقة لسفرات الصيف في كل الجهات التي يذهب إليها الخليجيون، والذين غالباً ما يكتشفون مدناً كل أربع سنوات، ومن ثم يهجرونها إلى مدن أخرى، تبقى بعض المدن التي لا يستطيعون منها تخلصاً والتي تطبعت بطباعهم الصيفية حين يحضرون جاعلين بعضها يخرج عن وقاره، ويغير إيقاعه، وبعضها الآخر يدخل في طور التقوى والتحجب، بعض المدن تعاندهم فيتركونها رغم محبتهم لها مثل فيينا، وبعض المدن تستجيب لهم مثل القاهرة وبيروت وبومبي مومبي وبعض المدن الأخرى يضطرون للتآخي معها مثل باريس ولندن وجنيف، لكنهم يصبغونها بطابعهم كل صيف، حيث يقوم أهل هذه المدن بتركها خاصة شهر أغسطس ويتجهون في أسفارهم أو يذهبون إلى الريف والقرى الصغيرة أو المدن الساحلية·
لذا غير مستغرب أن تجد المقهى المطل على بحيرة جنيف وقد احتلته العجائز بدلال القهوة وصحون الرطب، حتى يغدو ذلك التراس وكأن ليس فيه غيرهن، لا تسمع فيه غير رنين الفناجين وتعليقاتهن على المارين حتى تحين الصلاة، أو ترى في أماكن أخرى ومدن أخرى الحريم ذوات الوزن الثقيل وهن طافيات على حوض السباحة أو غافيات على البركة باللباس المستور الذي يمكن أن يكون أي شيء ما عدا أن تكون ملابس للسباحة، أو للصيف اللهّاب·
السياحة الخليجية لها شروطها وطقوسها، أولها ضمان وجود سوبر ماركت كبير يمون احتياجاتهم الكثيرة، ويلبي مشترياتهم وأشياءهم بدءاً من العيش البسمتي والباسنيه وحتى اليليلان، وإذا لم يتيسر لهم وجود هذا النوع من المحلات، حملوا الشنط والصناديق والسحاحير بكل صغيرة وكبيرة، إما يسبق سفرهم أو مصطحبينها معهم، كله إلا ميوى البيت وهكذا يظلون يطبخون وينفخون وينامون، وحين يتعبون يتسوقون، ويستعرضون أزياءهم وملابسهم في المولات الجديدة أو يتبادلون الزيارات، وكأنهم في مدنهم الأصلية، وكأنهم لم يسافروا، كل أهل الفريج ذاهب إلى المدينة نفسها، وربما في المنطقة عينها، وربما تتكرر هذه السفرة لسنوات أخرى·
بعض الخليجيات أمهات قذلة تظل الواحدة منهن مشغولة بهذه القضية طوال الصيف، داخلة إلى هذا الصالون، خارجة من عند هذا الكوافيير فرحانة بهذه الغرة الواقفة بـ السبري قال ما أحد عنده بكلة غيرها، وتبدأ في الذهاب إلى حفلة المطرب الخليجي الفلاني، ومطرب الشباب العلاني، ومطرب المساء والسهرة الحلاني·
سياحة خليجية··· سياحة غير نمونة لا تقول لي متاحف، أو دور الأوبرا، أو المسارح أو الذهاب إلى مناطق الريف الطبيعية، أو زيارة معالم المدينة السياحية، أو تذوق أكلات الشعوب أو التعرف عليهم وعلى حياتهم··· لا، لا بعضهم يحلف أن اسم المطار لا يعرفه، ولا يحب أن يعرفه، يقول لك أنه مسافر لكي ينسى، ماذا ينسى؟ لا تعرف، أو لا تحب حتى أن تعرف··
ش