اليوم يتطرق مفتش الرقابة الغذائية الذي أبى ضميره أن ينقع خيانة لمهنته التي أؤتمن عليها إلى قضية أشد خطورة وهي قضية تدوير المخبوزات والأطعمة والحلويات واللحوم والغش الصريح الذي يحدث فيها والذي يذهب ضحيته المستهلك ماليا وصحيا، اذ تعمد بعض المخابز إلى إعادة تدوير منتجاتها من المخبوزات، فعلى سبيل المثال لا الحصر تقوم بعض المخابز الصغيرة والكبيرة الشهيرة والمغمورة بإعادة تدوير عجينة الصمون وإضافة مواد ملونة معلبة، وكذلك إضافة سكر وبعد ذلك تعيد صناعته مرة ثانية في صورة حلوى وكيك وبيتي فور وغيرها· بل إن الأخطر من ذلك هو قيام بعض المخابز بإعادة تدوير الصمون الطازج والذي لم يتم بيعه في نفس اليوم أو ذلك الذي تسترجعه مرة ثانية من محال السوبر ماركت والبقالات تعيده مرة ثانية في صورة قطع صغيرة ثم تدخله إلى الفرن بحيث يصبح محمصاً ويتم وضعه في أكياس ويباع لزوم تناوله مع الشاي، والأمر نفسه يحدث مع الخبز العربي المستدير الذي يتم إعادة ادخاله إلى الفرن مرة ثانية ويباع على اعتباره خبزاً محمصاً، أما قصة الفطير المشلتت فهي قصة غريبة اذ تعمد بعض المخابز إلى تنظيف العجانة وإزالة بقايا العجين منها، ثم يتم تنظيف الطاولات التي تتم عليها عملية تقطيع الخبز وتجهيزه، وبعد ذلك تجمع كل هذه البقايا ويضاف اليها بعض الدهن وتعاد مرة ثانية في صورة فطير مشلتت منقوع في الزيت والدهن· أما قصص فطاير الزعتر والسبانخ واللحمة المفرومة فهي الأخرى تدمي القلب حيث تتوه القيمة الصحية لها تحت استخدام البهارات التي تجعل المستهلك يتناول شيئاً عبارة عن خليط لمنتجات غذائية متنافرة العناصر·· ولعل من أخطر ما تستخدمه بعض المخابز هنا هو اللحوم والتي تكون نسبة الدهن الحيواني فيها أكثر من 55% تقريبا بالإضافة إلى الزيوت وهي من نوعيات تحتوي على نسبة عالية من الكوليسترول وتسبب مشاكل صحية كثيرة في مقدمتها تصلب الشرايين وأمراض القلب، وخاصة مع وجود نوعيات رديئة من الأجبان المستخدمة في انتاج هذه السندويشات أو الفطائر·
أما القصة الأكثر خطورة فهي في تجهيز المطاعم للمواد الأولية اذ على سبيل المثال تعمد بعض المطاعم الى خلط لحوم الإبل مع الأبقار مع الجاموس، ومن خلال مفرمة اللحوم تتوه هذه العناصر مع بعضها البعض ففي الوقت الذي قد يشتري فيه المطعم كيلو اللحم من الإبل بحوالي 6 دراهم فإن هذا الكيلو يتحول بعد خلطه بالبهارات الى كيلو كفتة ثمنه 75 درهما، بل أن بعض المطاعم لا تتورع عن تقديم نوعيات رديئة من اللحوم خاصة تلك التي توجد فيها نسبة ألياف دهنية عالية وتضاف اليها البهارات أيضا ويتوه طعمها الحقيقي·ليس هذا فحسب بل إن بعض محال الجزارة هي الأخرى لها باع طويل في الغش الغذائي، وخاصة فيما يتعلق بتصنيع النقانق والسجق واللحوم المفرومة بأنواعها اذ يثبت التحليل الغذائي لهذه اللحوم أنها تحتوي على عناصر غذائية ضارة جداً بالصحة· ما قاله المفتش الغذائي الذي يؤنبه ضميره ليلاً ونهاراً قطرة في محيط كبير من المخالفات الغذائية التي نراها ونفتح لها أبوابنا لتدمر صحتنا ونحن في قمة الغفلة من الوعي الغذائي السليم ولعله من المناسب قبل حديث بعض الجهات الصحية عن إجراء دراسة حول انتشار الكوليسترول وأمراض ضغط الدم وغيرها من الأمراض بين المواطنين والمقيمين قيام هذه الجهات بتحليل مضمون يوميات هذا المفتش الغذائي وغيره من الشرفاء الذين يرفضون الرضوخ لتهديد لقمة العيش، وهو الأمر الذي تتحول معه مسؤولياتهم إلى عبارة لا أرى·· ولا أسمع·· ولا أتكلم وعليه العوض في صحتك عزيزي القارئ إذا لم تراجع كلام هذا الرجل عشرين مرة قبل أن تفتح شهيتك للطعام·