في يوميات مفتش الرقابة الغذائية كثير مما يستحق مناقشته والوقوف عنده ألف مرة، فالصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يشعر بها إلا من حرموا منها، وفي كل دول العالم والإمارات في مقدمتها تتصدر قضايا الصحة اهتمامات الرأي العام، ولعل الاهتمام الذي أولاه العالم لجنون البقر وانفلونزا الطيور وغيرهما من الأمراض التي تصيب الحيوانات وتنتقل إلى البشر أو تكون لها علاقة من قريب أو من بعيد بصحة الإنسان يفسر هذا الأمر ويعكس دلالات الاهتمام به·
وعلى الرغم مما كتبناه أمس حول خلل الرقابة الغذائية في بعض المخابز ومحال صناعة الحلويات وغيرها من السوبرماركت والبقالات الصغيرة وخاصة فيما يتعلق بعبث القوارض في بعض هذه المخابز وكذلك فيما يتعلق بعملية تجميد اللحوم والخضروات و فك تجميدها مرة ثانية ثم إعادة التجميد وما يترتب على ذلك من مشاكل صحية خطيرة، على الرغم من هذا كله إلا أن الرجل لايزال يعيش مرحلة وخز الضمير فقد رفض ضميره أن ينقع خيانة مهنية وأبى إلا أن يتحدث واختار لهذا الحديث العبد لله أبوعوض ·
في يوميات الرجل اليوم آلية التفتيش على المطاعم وكيف تتم عملية التفتيش والمعايير التي تتوقف عليها، وفي مقدمة هذه المعايير من هو صاحب المطعم ومدى صدعة الرأس التي قد يسببها للتفتيش الغذائي ومدير الإدارة ورئيس القسم والمفتش وغيرهم من الذين قد يكون تجرأ أحدهم وكتب تقريراً في غير صالح المطعم، أما المعيار الثاني فهو المجموعة التي ينتمي إليها المطعم وهل هو من مجموعة الشركات العالمية ذات الاسم الرنان والتي تتنوع فروعها في المدينة أم لا؟، والمعيار الثالث يخص المطاعم الموجودة في الفنادق، وهذه أوكلوا مهمة التفتيش الغذائي عليها لأحد المفتشين الوافدين، وقد وجدت فيه بعض المطاعم ضالتها ووجد هو وعائلته ضالته فيها، فهو طايح 24 ساعة في ربوعها هو وعائلته المحروسة التي لم يكن أحد منهم يحلم في يوم من الأيام أن يجلس على مطعم بوحلب بالقرب من سوق المواشي·
في بعض المطاعم مخالفات بالجملة في مقدمتها وحسب الرجل الذي لم ينقع خيانة لمهنته: أن اللحوم والدواجن يعاد تدويرها على طريقة كلاكيت للمرة الثالثة فهذا طبق اليوم من فيليه الدجاج وينتهي اليوم ولا ينته فيليه الدجاج ثم يأتي اليوم التالي ويتحول فيليه الدجاج من الثلاجة إلى كفته الدجاج، ونفس الطريقة تنطبق على اللحوم، بل إن بعض اللحوم تظل لأيام على هيئة ستيك ثم تتحول إلى مشاوي ثم إلى كفته وقبل الكفتة يمكن أن تتحول إلى لحوم بالخضار·
لا يقف الأمر عند هذا الحد إذ أن معظم المطاعم تستخدم زيوت القلي مرات ومرات وما لذلك من آثار ضارة على صحة المستهلك أما قصة النظافة فهذه حدث ولا حرج وحسب مفتش الأغذية من يدخل الأبواب الخلفية لبعض المطاعم لا يمكن أن يتناول طعاماً فيها حتى لو مات من الجوع ففي هذه الأبواب الخلفية تكون الصورة واضحة تماماً الحشرات والصراصير ومياه الشرب من التناكر بل والأواني التي يتم طهي الطعام فيها والتي أكل وشرب عليها الدهر· هذا صوب والعمال في بعض هذه المطاعم صوب آخر إذ أن بعضهم يحمل أمراضاً قد تكون معدية أو يعاني من وجود طفيليات في جسمه أو غيرها من المشاكل الصحية التي لا يصلح معها وضعه كطباخ يضع يديه في طعام الآخرين·وما دور التفتيش الغذائي في ضبط هذه الأمور؟ يقول المفتش الذي رفض ضميره أن ينقع خيانة مهنية: محدود جداً بل إن من يتكلم يقال له: كل عيش، وغدا نواصل·
أبوعوض