الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

صقر القاسمي: الشيخ زايد كان مغرما بإسعاد الناس

2 يوليو 2005

أكد صاحب السمو الشيخ صقر بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم رأس الخيمة أن التاريخ يؤكد حق الإمارات في الجزر المحتلة، وإن جزر طنب وأبو موسى جزء لا يتجزأ من دولة الإمارات، وعندما حاولت أطراف خارجية التوسط لحل النزاع ببيع تلك الجزر لإيران رفضنا ذلك فورا لأن الأوطان لا تباع وليست موضعا للمساومة، ولا يمكن أن يضيع حق وراءه مطالب·
وقال سموه في حديث لمجلة تراث التي تصدر عن نادي تراث الإمارات تنشره في عددها الصادر اليوم: إن علاقة سموه بالشيخ زايد بن سلطان آل نهيان كانت قوية جدا منذ أن كان ممثلا لحاكم أبوظبي في العين، وازدادت قوة بعد توليه مقاليد الحكم في الإمارة ثم في الدولة، وكان لهذه العلاقة أثر كبير في تجاوز العديد من الصعاب، وقال سموه: إن الشيخ زايد كان مغرما بشيء اسمه 'إسعاد الناس' والارتقاء بمستوى معيشتهم، وعندما فقدناه فإننا فقدنا علما من أعلام أمتنا سيذكره التاريخ ويسجل أعماله في أنصع صفحاته· وتطرق سموه في حديثه إلى الجهود التي بذلها للم الشمل في الإمارة عندما تولى مقاليد الحكم، حيث كانت كل منطقة تمثل إمارة داخل الإمارة، ثم تحدث عن الاهتمام بالتعليم والنهوض بالإمارة التي كانت تعيش أوضاعا صعبة من كل الجوانب وكانت في شبه عزلة عن العالم الخارجي، وضرب سموه مثلا على ذلك بأن الانتقال منها إلى دبي كان يستغرق عشر ساعات على طريق يمر بشاطئ البحر ويقطعه المد بصفة متكررة·
وقال سموه ان علاقتنا مع المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد كانت طيبة جداً·· فقد كانت تربطني به علاقات لا أقول إنها علاقة صداقة، وإنما هي علاقات أخوية منذ أن كان نائباً للحاكم في العين، فقد كنا نتبادل الزيارات بصورة مستمرة·· وبالطبع نتشاور في الأمور التي تلم بالمنطقة، وازدادت علاقتي به متانة وقوة ومودة بعد أن تولى زمام الحكم في أبوظبي، وما أعرفه عنه أنه كان مغرماً بشيء اسمه (إسعاد الناس)·· والارتقاء بمستوى معيشتهم، وهو رحمه الله، كانت له مآثر كثيرة في هذا المجال لا تحصى ولا تعد، ويحضرني الآن ما حدث مع قبيلة (المقابيل) على سبيل المثال، فقد جاؤوني هنا والتقيت بهم، واستمعت إلى أشعارهم التي كانت تمدح الشيخ زايد، فطلبت منهم تسجيلها على شريط، وأعطيتها لزايد، الذي سمعها وأعجب بها كثيراً وكون منهم فرقة للشعر وأكرمهم كرماً كبيراً·
لقد عمّ خيره، رحمه الله، كثيراً من الأقطار العربية والإسلامية، وأصبح مضرب الأمثال في الكرم والعطاء وإصلاح ذات البين بين الأشقاء، لذلك، عندما فقدناه فإننا فقدنا علماً من أعلام أمتنا سيذكره التاريخ ويسجل أعماله في أنصع صفحاته·
وقال سموه انه عندما تولى حكم امارة رأس الخيمة في 16 يوليو 1948 كانت قلّة الإمكانيات لا تخفى على أحد·· بل إن العالم كله كان يمر بمرحلة غاية في الحرج بعد حرب طويلة أنهكت كل القوى المشاركة فيها·· وغير المشاركة، حيث تأثرت بحكم أن العالم كله رغم تباعد المسافات بينه كان كتلة واحدة·· تتأثر وتؤثر في بعضها بعضاً·· رغم تضارب المصالح والاتجاهات·· ونحن كنا وما زلنا جزءاً من هذا العالم·· والمنطقة كلها تأثرت بتلك الظروف·· وزد على ذلك تأثر التجارة العالمية التي كانت تمر بالمنطقة، وكساد سوق البحث عن اللؤلؤ·· ولم تكن هناك اكتشافات بترولية أو تعدينية·· ثم حالة الجمود أيضاً التي كانت مفروضة على المنطقة بهدف إبقائها على ما هي عليه لأغراض ومصالح قوى خارجية·· وكان لا بد أن نبحث عن مخرج لهذه المعضلة·· وكنت أؤمن إيماناً عميقاً بضرورة التعليم أولاً لأنه سيفتح كل الآفاق الأخرى الحيوية لبناء وتعمير ونهضة المنطقة·· فهو يشكل اللبنة الأساسية في رقي الأمم وتقدمها·· وقد بذلت قصارى جهدي لتحقيق هذا الهدف، في ظل تلك الظروف التي تحدثت لكم عنها، وفي ظل ظروف محلية أخرى كانت في غاية الصعوبة، ويكفي أن تعلم أن إمارة رأس الخيمة في ذلك الوقت لم تكن مرتبطة بأي طريق بينها وبين باقي الإمارات، فإذا أراد الواحد منا أن يذهب إلى دبي مثلاً·· فكان عليه أن يسلك طريقاً بقرب سيف البحر وتستغرق رحلته أكثر من عشر ساعات·· والتي نقطعها الآن في ساعة أو ساعتين على الأكثر·· فعدم توفر طريق حال دون استقدام واستخدام الرعاية الصحية والتعليمية التي كنا في أمسّ الحاجة إليها·· ونحمد الله أن وفّقنا في كسر ذلك الحاجز بتوفيق منه أولاً·· ثم بجهودنا التي بذلناها·· ثم بوقوف الإخوة الآخرين معنا ومساندتهم لنا·· نحمد الله على ذلك·
وأيضاً كان الوضع القائم في الإمارة نتيجة طبيعية للوضع القائم في المنطقة·· وكان أول شيء حرصت عليه هو أن تكون الإمارة مستقرة داخلياً·· أي بعبارة أكثر وضوحاً·· توحيد أجزائها التي كان كل منها يشكل إمارة داخل الإمارة·· فقد كانت منطقة الرمس لها أمير·· والجزيرة الحمراء لها أمير·· والمنيعي وباقي المناطق على المنوال نفسه·· وكل منطقة تتصرف كما ذكرت وكأنها إمارة شبه مستقلة·· وكان الواجب والمنطق والعقل تقول بضرورة توحد الجهود والاتفاق على كلمة واحدة حتى نستطيع أن نقوم بعمل ما لمصلحة الإمارة كلها، وقد بذلنا جهوداً مضنية لتقريب القبائل وتهدئتها حتى أصبح الجميع يداً واحدة في إمارة واحدة تحت حكومة وسلطة موحدة·
كما أن التعليم في رأس الخيمة بدأ يأخذ طريقه من خلال المدارس الخاصة قبل التعليم النظامي بفترة·· ولكن حرصنا على أن يعمّ هذا الخير على الجميع، جعلنا نسعى في سبيل نشر التعليم الحكومي أو التعليم النظامي كما يطلقون عليه أحياناً·· وهذا التعليم بدأ مع أول بعثة تعليمية كويتية وصلت إلى المنطقة، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد·· فبعد إنشاء مكتب التطوير الذي ضم الإمارات السبع، قدمت بريطانيا مساعدة مادية تمثلت في إنشاء مدرسة زراعية، واستقدمت خبراء لتشغيل محطة تجارب زراعية تساعد المواطنين على اختيار البذور الجيدة وزراعتها وتسميدها·· إلى جانب معرفة الخدمات الزراعية الأخرى لتطوير الجانب الزراعي في الإمارة·· أما بخصوص لماذا مدرسة زراعية فقط رغم حاجة المنطقة إلى التعليم العام، فالواقع أننا لم نرفض ذلك بل رحبنا به لأن التعليم الزراعي لم يكن بديلاً للتعليم العام في ذلك الوقت·· وكلاهما اعتبرناه مهماً للإمارة·· خاصة أننا أنشأنا مدرسة صناعية·· كل ذلك من أجل الارتقاء بمستوى الإمارة وجعلها تساير التطورات الحديثة·
كما ان الاهتمام بالزراعة يأتي من طبيعة المنطقة المهيأة لذلك بتربتها وجوّها·· والزراعة موجودة في الإمارة منذ القدم·· ومن الطبيعي أن يستمر هذا الاهتمام والسعي لتطوير الجانب الزراعي في الإمارة أفقياً ورأسياً·· أما بالنسبة لعين خت·· فنحن نوليها اهتماماً زائداً لأنه ليس لها مثيل في دولة الإمارات، فمياهها نبع حارة ومفيدة للصحة، ويقصدها كثيرون للاستشفاء، وهذا ما دفعنا لإنشاء فندق خمسة نجوم في الموقع تردّ إليه المياه الحارة·· بحيث يستطيع النزيل استعمال هذه المياه داخل بيئة نظيفة وراقية·· وهو ما يدعم الجانب السياحي في الإمارة أيضاً·
وحول ما حدث في اعقاب الاستقبال الحافل الذي لقيه سعادة عبد الخالق حسونة أمين عام جامعة الدول العربية في رأس الخيمة ولماذا لقي اعتراضاً من بعض الجهات وأدى إلى حصار رأس الخيمة· قال صاحب السمو حاكم رأس الخيمة: عندما زارنا عبد الخالق حسونة الأمين العام للجامعة العربية كان ذلك إيذاناً بعهد جديد ننفتح فيه على أشقائنا العرب في كافة أقطارهم، إذ كنا في السابق لا نستطيع الاتصال مع الدول العربية إلا من خلال الحكومة البريطانية، ولم تكن هذه تشجع على ذلك الاتصال، ولذلك فإن زيارة عبد الخالق حسونة لم يرض عنها الإنجليز وقد اعترضوا عليها وحاولوا إثناءنا عن التعامل مع الدول العربية لأنهم شعروا بأن ذلك يشكل خطورة على علاقتهم معنا· وليس صحيحاً أنه تم حصار رأس الخيمة على إثر تلك الزيارة·
واكد سموه في الحديث على الموقف الثابت من قضية جزر الامارات المحتلة وقال: موقفنا كان ولا يزال ثابتاً في هذه القضية·· كان موقفنا واضحاً كل الوضوح، فنحن لا نساوم على الأوطان، وجزر طنب وأبو موسى جزء لا يتجزأ من دولة الإمارات، وقد حاول الإنجليز التوسط من أجل حلّ النزاع بأن عرضوا علينا بيع الجزر لإيران وكان جوابنا أن الأوطان لا تُباع، وليست موضعاً للمساومة، ومع معرفتنا أن إيران قوية عسكرياً وقد تحتل الجزر بالقوة إلا أنه لا يمكن أن يضيع حق وراءه مطالب·
فالتاريخ يؤكد أحقيتنا في الجزر ·· والعرض البريطاني ببيعها إلى إيران والذي رفضناه في حينه يؤكد أن الجزر ملك للإمارات وإلا فكيف نبيع لغيرنا ما ليس بملكنا؟! ·· موقفنا لا يزال كما هو ·· وكما قلت ·· لن يضيع حق وراءه مطالب·
وعن السبب في تأخر رأس الخيمة في الانضمام إلى الاتحاد، ثم حدث الانضمام بعد ذلك في 10 فبراير 1972م قال سموه: كنا من أوائل من نادوا بالاتحاد وشجّعوا على قيامه، وكنا نؤمن إيماناً عميقاً بأن لا مستقبل لنا إلاّ بالاتحاد، إلاّ أن احتلال إيران للجزر ألقى بظلال قاتمة على المنطقة، فكتبنا للشيخ زايد رحمه الله بأننا راغبون في دخول الاتحاد، ولا نطلب شيئاً سوى أن يتبنّى الاتحاد قضية الجزر وبذل الجهود لاستعادتها·
وعن جهود الإمارة في التنقيب عن تاريخها وكتابته بأيدي أبنائها والجهود التي تبذلها في مجال الاهتمام بالتراث وحماية الآثار وصيانتها والحفاظ عليها قال سموه: لقد سعينا في هذا الاتجاه كثيراً·· وسنواصل السعي·· لأن تاريخ المنطقة يحتاج إلى كثير من الجهد·· وفي رأس الخيمة تاريخ عريق يعود لآلاف السنين·· لقد عملنا كثيراً على التنقيب عن الآثار وتمكّنا من جمع كميات لا بأس بها أودعناها في متحف رأس الخيمة، كما قمنا بترميم جميع الأبراج القديمة والتي كانت تستعمل للدفاع عن الإمارة·
وذكر صاحب السمو حاكم رأس الخيمة: لقد أنشأنا ميناء صقر وترتاده السفن بكافة أحجامها، ونحن الآن بصدد توسيع الميناء ببناء ثلاثة أرصفة جديدة، وتخصيص أربعة أرصفة للحاويات، كما اشترينا رافعات حديثة، وأصبح لدينا تسع رافعات عملاقة تعمل على مدار الساعة، بالإضافة إلى أننا أنشأنا ميناءً في الجزيرة، وطوّرنا ميناء رأس الخيمة على الخور، والحركة التجارية في رأس الخيمة على قدم وساق، وما تزال تتطور إلى الأحسن باستحداث المشاريع الاقتصادية الضخمة الجديدة كالشركة العقارية وشركة نفط رأس الخيمة والسيراميك والأدوية·· والتطوير والتحديث والنهضة هي الهدف·· أما موضوع استعادة المكانة فهي مسألة تأتي لاحقاً·· المهم أن يحس الجميع بأن هناك جهداً يبذل·· وأن هناك إنجازات تتحقق في سبيل الوطن والمواطن·
وقد تضمن العدد 80 من مجلة تراث العديد من الموضوعات الأخرى التي بدأت بكلمة عادل محمد الراشد رئيس التحرير عن عقد التنمية الثقافية والتي بدأها مشيدا بالفكرة على اعتبار أن وزراء الثقافة العرب أدركوا مدى خطورة حالة التيه التي تعيشها الثقافة العربية·
كما تضمن العدد البحث الذي كتبته الدكتور امتثال النقيب مدير عام المتاحف والتراث بأم القيوين بعنوان 'طقم برونز مزخرف يؤكد وحدة الثقافة بالخليج، وتحقيق عن احتفال مصر بمئوية مصر الجديدة، وآخر من الكويت عن المدرسة القبلية للبنات على رف الذاكرة·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©